{ وَإذَا حُيّيِتُمْ بِتَحِيَّةٍ } جائزة شرعاً، سلام أو غيره واختار النبى صلى الله عليه وسلم السلام عليكم وجعله حسنة مؤكدة عند الملاقاة، وقيل واجبة، وأما عند دخول بيوت غيركم فالسلام واجب بنص القرآن، وقال الجمهور: المراد إذا حييتم بلفظ من ألفاظ السلام، مثل السلام عليكم، وسلام عليكم، وعليكم السلام، وعليكم سلام، وعليكَ وعليكِ وعليكما وعليكن بجواز الجمع والتذكير ولو مع المفرد المؤنث لقصد الملائكة، والسلام عليكم ورحمة الله، وينبغى الجمع فى الفرد والاثنين ليعم الملائكة بقصده فيجيبوا، ودعاؤهم لا يرد، والتحية تفعلة أصله تحيية بإسكان الحاء وكسر الياء الأولى وفتح الثانية، نقلت كسرتها للحاء وأدغمت فى الثانية، وأصل هذا تحيى بوزن تعليم وتقديس، حذفت الياء الثانية وبقيت الأولى والثالثة، وعوضت التاء عنها، وأصل معناه دعاء ببقاء الحياة ثم جعل دعاء بالخير، وكل خير معه حياة، وقيل المراد العطية، وهو قول قديم للشافعى ببغداد أو بمصر فجديد، فيكافىء بأفضل أو بالمثل، ويقال تحية النصارى وضع اليد على الفم، وبعض منه بالكف، واليهود الإشارة بالأصابع، والمجوس الانحناء والعرب، عم صباحا، وحياك الله، وبعد الإسلام السلام عليكم { فَحَيُّوا } من حياكم، ويكفى رد الصبى والمرأة والعبد، وقيل فى الشابة المشتهاة إنه لا يجزى ردها، ولا يجزى رد المشرك، وقيل يجزى { بِأَحْسَنَ مِنْهَآ } إن كان من سلم عليكم مؤمناً، وقال البخارى: فى الأدب، وابن أبى شيبة مطلقاً، ويعنى للمشرك أمر الدنيا كما قال الشعبى { أَوْ رُدُّوهَآ } ردوا مثلها، فأحسن منها، وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، ورد مثلها وعليك السلام، "قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: السلام عليك، فقال وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، وقال آخر السلام عليك ورحمة الله، فقال وعليك السلام ورحمة الله وبركاته، وقال آخر: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، فقال: وعليك، فقال نقصتنى فأين، ما قال الله تعالى؟ وتلا الآية فقال: إنك لم تترك لى فضلا فرددت عليك مثله" ، والرجل توهم أن الزيادة لا نهاية لها ولم يدر أنها انتهت فى البركات، كما روى أن أحداً زاد لابن عباس على البركات، فقال ابن عباس انتهى فى البركات، وذلك لحصول أقسام المطالب، السلامة من الآفات وحوز المنافع وثباتها، وقيل السلام من السلم ضد الحرب، وقيل الله بمعنى رحمة الله بتقدير مضاف، وقال معاذ بزيادة ومغفرته، كما روى أبو داود والبيهقى، وزاد ابن عمر لسالم مولاه، إذ سلم عليه وطيب صلواته، رواه البخارى فى الأدب، وعنه صلى الله عليه وسلم: "السلام عليكم بعشر حسنات، والسلام عليكم ورحمة الله بعشرين، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته بثلاثين" ، وعنه صلى الله عليه وسلم: "إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم، أى وعليكم ما قلتم، لأنهم يقولون السام عليكم" ، والمراد اليهود لأنهم الغاشون، وأنهم المعتادون المجاورون فى المدينة وأعمالها، ويدل له ما روى لا تبتدىء اليهودى بالسلام، وإن بدأك فقل وعليك وربما لم يرد سوءاً فلا يضرنا أن يكون عليه ما قال، وهو سلامة البدن والمال مثلا، وزعم أبو يوسف، أنه إن قيل لك أقرىء فلاناً منى السلام، وجب عليك أن تبلغه، وليس كذلك إلا إن أنعمت له، قيل أو سكت ولعله أراد هذا { إنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَىْءٍ حَسِيباً } يحاسبكم على التحية والرد وغيرهما، ولا يسلم على مشتغل بالخطبة والقراءة أو الحساب أو غير ذلك، ولا من فى الحمام، وقيل إن كان بلا إزار، وفى قضاء حاجة الإنسان، أو فى معصية، - والسنة السلام فى المسجد، كما ذكر الربيع والبخارى أن الناس سلموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المسجد ولم ينههم، ويرد عليهم السلام، وكثر ذلك والحمد لله، أما من رأيته يصلى أو يقرأ أو يذكر الله فى المسجد فذلك لا يسلم عليه لأجل اشتغاله، ومن لم تر منه ذلك فسلم عليه، ولو احتمل أنه فى ذكر أو قراءة كما يسلم الصحابة على النبى صلى الله عليه وسلم كان وحده أو مع الناس.