خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنَادَوْنَ لَمَقْتُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ مِن مَّقْتِكُمْ أَنفُسَكُـمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إِلَى ٱلإِيمَانِ فَتَكْفُرُونَ
١٠
-غافر

تيسير التفسير

{ إنَّ الَّذين كفرُوا يُنادَونْ } يناديهم الملائكة خزنة النار بعد دخولهم، أو يناديهم المؤمنون بعد الدخول، وذلك اعظام لحسرتهم، والمؤمنون والملائكة علموا أنهم مقتوا أنفسهم، فيقول الملائكة أو المؤمنون: يا أصحاب النار، أويا أعداء الله { لَمقْتُ الله } اللام للابتداء، وهى للتأكيد، ولا دليل على أن هنا قسما محذوفا واللام فى جوابه، والأصل عدم الحذف، أى لبغض الله لكم، والمفعول محذوف أى لبغضكم الله برفع لفظ الجلالة على الفاعلية للمصدر، والكاف مفعول به مضاف اليه، وأجاز بعضهم أن يقدر لبغض الله اياكم، والمراد بالأنفس فى الآية الأجساد الشاملة للنفس الأمارة بالسوء، وقيل: المراد النفوس الأمارات بالسوء، وبغض الله عدم الرضا عنهم، واعداد كالعذاب لهم، والمقت أشد البغض، وفسر هنا بأشد الاذكار.
{ أكْبَر مِنْ مَقتِكم أنْفسَكُم } مقت كل واحد نفسه، أو مقت بعضكم بعضا تمقت الاتباع الرؤساء لأنهم أضلوهم والرؤساء الأتباع، لأنهم حملوا مثل أوزارهم لاضلالهم، والأول أولى، اشتد بغضهم لأنفسهم، اذ دخلوا النار باتباعها، حتى أنهم يعضون أناملهم حتى تسقط، فترجع ويعضونها كذلك، وهكذا، أو ذكر أنهم يأكلونها كذلك، وجه قال الحسن، ويوم القيامة يكفر بعضكم ببعض،ويلعن بعضكم بعضا، ويحتمل أنه اراد العض الشديد، ولا يخفى أنهم يمقتون أنفسهم من حين ماتوا الى الأبد، وعبارة بعض حين يعلمون أنهم من أصحاب النار، فيحتمل حين يعطون كتبهم بشمائلهم، ويحتمل حين الموت ففى حينه يعلمون، وقيل حين يقول لهم الشيطان: فلا تلومونى ولوموا أنفسكم، ويجمع ذلك أن مقتا فى وقت أشد منه فى آخر، والجملة مفعول لحاله محذوفة، أى ينادون مقولا لهم لمقت الله الخ، واجاز بعض أن يقدر ينادون فيقال لهم: لمقت الله الخ، وأجيز أن يكون مفعولا به لينادون، لتضمن معنى القول، ويبحث بأن القول لا يتعدى لمفعولين، الا ان كان بمعنى الظن وقد أخذ مفعله وهو الواو النائب عن الفاعل.
{ إذْ تُدْعَون إلى الإيمانِ } يدعوكم الأنبياء وغيرهم من أتباعهم، وإذ متعلق بأكبر،وزمان المقتين واحد، الا أن مقت الله أزلى مستمر، والمضارع للتجدد، ويجوز تعليقه بمقت الثانى، مع أنهم لم يمقتوا أنفسهم حال الدعوة، لأنها سبب كفرهم الموجب للمقت، أو يقدر اذ تبين انكم دعيتم الى الايمان فكرتم، وزمان المقتين واحد كذلك، واذا جعلت للتعليل فليس التعليل بالدعاء الى الإيمان، بل بما ترتب عليه من الكفر به، وقال الحسن: زمان المقتين مختلف، أى لمقت الله أنفسكم فى الدنيا، إذ تدعون الى الايمان فتكفرون أشد من مقتكم اياها اليوم، وأنتم فى النار، أو وأنتم متحققون أنكم من أصحابها لم يجيزوا الفصل بين المصدر وخبره، لأن الاخبار عنه يؤذن بتمام المعنى، وقيل: لا بأس بالفصل بين المصدر وما فى صلته بأجنبى، وهو الخبر للتوسع فى الظروف { فتَكْفُرون } تحدثون كفرا كلما حدثكم الرسول صلى الله عليه وسلم، أو تصرون على الكفر.