خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ وَمَن يُضْلِلِ ٱللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ
٣٣
وَلَقَدْ جَآءَكُـمْ يُوسُفُ مِن قَبْلُ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِّمَّا جَآءَكُـمْ بِهِ حَتَّىٰ إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَن يَبْعَثَ ٱللَّهُ مِن بَعْدِهِ رَسُولاً كَذَلِكَ يُضِلُّ ٱللَّهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُّرْتَابٌ
٣٤
-غافر

تيسير التفسير

{ يَوْم } بدل من يوم التنادى { تُولُّون مُدْبرينَ } عن الموقف الى النار، أو عن النار اذ سمعوا زفيرها، فلا يأتون قطرا الا وجدوا فيه الملائكة صفا فيرجعون، ويدل لهذا قوله تعالى: { مَالَكم مِن الله مِنْ عاصم } مانع من النار، لا ينفعكم الفرار عنها، وقيل لا راد لكم عن النار اذا سقتم اليها، ومن الله متعلق بعاصم، ومن الثانية صلة، والجملة حال من واو تولون من المستتر فى مدبرين { ومَنْ يَضْلل الله } عن الحق { فَمالَه مِنْ هادٍ } أتم كلامه بهذا حين أيس منهم، وزاد ما ذكر الله عز وجل عنه بقوله:
{ ولَقَد جاءكم يُوسُفُ } هو ابن يعقوب عليهما السلام، وكان فرعون فى زمان يوسف، وطال عمره إلى زمان موسى، وقد قيل: بين موت يوسف وولادته موسى أربع وستون سنة، وهذا قليل يدركه فرعون وغيره، ممن لم يقصر عمره، والظاهر أن بين يوسف وموسى أضعاف ذلك، وعن مالك: ان فرعون عمر أربعمائة وأربعين سنة، فيكون قد لقى يوسف وحده لامع قومه اذ لم يعمروا ما عمر، فخاطبه بخطاب الجماعة، لأنه كبيرهم، أو مجىء يوسف بالبينات لهم مجىء وسائطه اليهم بعده، ووجه مناسبة يوسف لهم أنه فى مصر، وهى بلد فرعون وقيل: فرعون موسى فرعون يوسف، طال عمره أربعمائة وأربعين، والمشهور غير ذلك، وان فرعون يوسف مات فى حياة يوسف، اسمه الوليد من العمالقة، وفرعون موسى اسمه الريان من القبط، وقيل: المراد فى الآية يوسف بن ابراهيم بن يوسف بن يعقوب، أرسله الله اليهم، وقام فيهم عشرين سنة.
{ مِنْ قَبل } قبل موسى { بالبينات } الأمور الدالة على صدقه { فما زِلْتُم في شكّ مما جاءكم به } من دين الله تبارك وتعالى { حتَّى إذا هَلكَ } مات { قلتُم لَنْ يَبعَث الله مِن بَعْده رسُولا } هذا اقرار بثبوت الرسالة فى الجملة، وبصحة رسالة يوسف، مع أنه قد مر أنهم شكوا فيها، وذلك متناقض الجواب أنهم أرادوا أنه لن يبعث الله من بعده رسولا مشكوكا فيه، كما شككنا فيه، أى فى يوسف، ولا رسول مقطوعا برسالته، وليس ما قيل: ان المعنى تكذيب رسالته ورسالة غيره، اى لا رسول فيبعث لأن قوله من بعده يعارض ذلك، وذكر بعض أنهم أظهروا الشك فى وقت حياته، وهم معتقدون لرسالته وأقروا بها بعد موته، ونفوها عمن بعده وهو غير متبادر.
{ كَذلِكَ } مثل ذلك الاضلال { يُضلُّ الله مَنْ هُو مُسْرفٌ } فى { مُرتابٌ } شاك فى دينه انهماكاً فى التقليد، مع قيام الحجة، وهو اسم فاعل أصله مرتيب بكسر الياء، قلبت ألفا لتحركها بعد فتح.