خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ كُـلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ
٣٥
-غافر

تيسير التفسير

{ الَّذينَ يجادلون في آيات اللهِ } عطف بيان على من أو بدل منه، قيل: أو نعت له كما تنعت من النكرة، ويجوز على ضعف أن يكون مبتدأ خبره جملة: " كذلك يطبع" الخ، والمراد يطبع على قلوبهم، فوضع لفظ متكبر جبار موضع ضميرهم، وما بين ذلك معترض، وأن يكون مبتدأ على حذف مضاف للذين، ولكن المضاف اليه منوى فى فاعل كبر هو الرابط، أى كبر جدا لهم { بغَيْر سُلطان } دليل متعلق بيجادل { أتاهُمْ } نعت سلطان، أى بغير دليل نقلى آت من الله تعالى على يد رسول، ولا دليل على أفيض على قلوبهم.
{ كبُرَ مَقْتاً } أى كبر ذلك الجدال لأنه فى آيات الله بلا حجة، وقيل: كبر من هو مسرف مرتاب، واعترض بأن فيه مراعاة اللفظ فكان الافراد بعد مراعاة المعنى، فكان الجمع بالذين يجادلون، وذلك مجتنب كما نقله ابن الحاجب، وهو واضح ينبغى تسليمه، ومساعدته، لا كما قيل بجوازه بلا ضعف، ووجه إسناد الكبر للذات على هذا القول التمييز أى كبر مقته، فان مقتا تمييز محول عن الفاعل إلا أنه لم يشهر إسناد الكبر للذات المشخصة على طريق باب نعم، ومعناه كما شهر الجنس { عِنْد الله وعنْد الَّذين آمَنُوا } متعلق بكبرا وبمقتاً.
{ كَذَلكَ } الإضلال، وإنما لم أقل كذلك الطبع، لأن الاضلال المذكور فيهم لم يتقدم ذكره تلفظ الطبع، نعم يجوز على طريق الادماج، وصف صاحب القلب بأنه متكبر عن الحق، متعد عن الغير، كما يوصف القلب به، لأنه يتكبر الانسان ويتجبر بقلبه كما فى قراءة تنوين قلب، فان فى قراءة تنوينه وصف القلب بأنه متكبر جبار، لأن القلب منبع التكبر والتجبر، كما وصف الاثم فى قوله تعالى:
" { فإنه آثم قلبه } " [البقرة: 283] لأنه منبع الاثم، وذلك كسمعته الأذن فان الأذن لم يستقل بالسمع، وكذا القلب لم يستقل بالاثم والتكبر والتجبر، وبالطبع يصير مجادلا فى آيات الله، ويرتاب ويسرف.