خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

لاَ جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِيۤ إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي ٱلدُّنْيَا وَلاَ فِي ٱلآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَآ إِلَى ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱلْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ
٤٣
-غافر

تيسير التفسير

{ لا جَرَم أنَّ ما تَدعونني إليه لَيسَ لهُ دعْوَةٌ في الدُّنيا ولا في الآخِرة } لا عند البصريين نافية لما قبلها، أى لا يثبت ما ذكر من الاشراك، أولا يحق، وجرم بمعنى ثبت وحق، وأن وما بعدها فى تأويل مصدر فاعل جرم أى ثبت انتفاء ثبوت دعوة فى الدنيا والآخرة لما تدعوننى اليه، ومن حق المعبود بالحق أن يدعو الانبياء الى عبادته، وأن يأمروا غيرهم بها، والأصنام لا تدعو الى ذلك. لأنها جماد، وذلك فى الدنيا، وأما فى الآخرة فتحضر الأصنام ولا ترضى بذلك، وتتبرأ منه، أو جرم بمعنى كسب، وفاعله ضمير الدعاء، وأن ما تدعوننى الخ مفعول به فى التأويل، أى كسب دعائكم إياى الى آلهتكم انتفاء دعوة لها أى ما حصل الا ظهور عدم دعوتها، ولا عائدة لما قبل كما مرّ.
وقيل: لا لما بعد، وجرم اسم لا فعل وهو اسم للا عاملة عمل إن، ومعناه القطع، والخبر أن وما بعدها فى التأويل، أى لا قطع لانتفاء ثبوت دعوة لما تدعوننى اليه من ألوهية الأصنام، أى لا ينقطع بطلانه فمعناه لا بد من بطلان دعوة الأصنام، ونسبة الدعوة باللام من له ذلك الى الفاعل، ويجوز أن تكون الى المفعول، لأن الكفار يدعون آلهتهم فنفى فى الآية دعائهم أياها على معنى نفى إجابتها لدعائهم إياها، أى ما تدعوننى اليه من الأصنام ليس له استجابة دعوة لمن يدعوه بأن سمى الاستجابة بالدعوة، لأن الدعوة سببها كما سمى الفعل المجازى عليه بالجزاء فى: كما تدين تدان، وان عاقبتم فعاقبوا الخ، أو ليس له دعوة مستجابة، أى يدعى دعاء يستجيبه لداعيه لأنه لا يتكلم أو الاصنام لا تدعو الى عبادتها، لا تدعى الربوبية والإله يدعو الى عبادته ويقول أنا الرب.
{ وأنَّ مَردَّنا } مصدر ميميى بمعنى ردنا { إلى الله } وفى الاخبار بالى الله تقوية الاخبار بعن معاصى الله، وتعالى طاعة الله فى لا حول عن معاصى الله، إلا بعصمة من الله، ولا قوة على طاعة الله، إلا بعون من الله، وإن نونت حولا وقوة بالنصب علقت بهما الظرفين، وقيل يجوز تعليقهما بذلك، ولو لم ينون تشبيها بالمضاف الذى لا ينون { وأنَّ المُسْرِفين هم أصحاب النار } فسر ابن مسعود رضى الله عنه المسرفين بالسفاكين للدماء، فيكون الرجل المؤمن ختم كلامه بما بدأ به إذ قال:
" { أتقتلون رجلا } " [غافر: 28] إلا أن الختم تعريض، إذ لم يقل: وإن السفَّاكين للدماء هم أصحاب النار، والبدء تصريح، وعن قتادة: هم المشركون، لأن الاشراك إسراف فى الضلال، وقال عكرمة: الجبارون المتكبرون، وقيل: كل من غلب شره خيره، فهو مسرف مشرك، أو موحد وهو أولى.