خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِن فِي صُدُورِهِمْ إِلاَّ كِبْرٌ مَّـا هُم بِبَالِغِيهِ فَٱسْتَعِذْ بِٱللَّهِ إِنَّـهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ
٥٦
-غافر

تيسير التفسير

{ إنَّ الَّذينَ يُجادلونَ } المسلمين { في آيات الله } دلائله المتلوة، والمعجزات الدالة على الوحدانية، وجوب الطاعة { بغَير سُلطان } برهان { أتاهُمْ } نعت سلطان، ومجادلتهم بغير سلطان هى نفس الواقع، ذكره الله، ولا يتصور الجدال فى انكارها بحق، والمراد مشركو مكة، نزلت فيهم، ويلتحق بهم غيرهم، والسبب لا يخصص عموم اللفظ، أو المراد العموم فيدخلون بالأولى.
وقيل: نزلت فى اليهود، جاءوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إن الدجال يكون منا فى آخر الزمان، وسموه المسيح بن داود، ويبلغ سلطانه البر والبحر، وتجرى معه الأنهار حيث سار، وهو آية من آيات الله، فيرجع إلينا الملك، إنه هو النبى المبشر لآخر الزمان لا أنت يا محمد، صلى الله عليه وسلم، حسدوه على خروج النبوة من بنى إسرائيل، فنزلت الآية تكذيبا لهم، ووصفهم الله بالكبر فى ذلك، ونفى أن يبلغوا مناهم أن قال تعالى: { إنْ في صُدورهِم إلاَّ كبْرٌ } خبر إن { ما هُم ببالِغيه } فان أوصاف الرسالة ظهرت فيه صلى الله عليه وسلم، وأنه لم يبعث نبى إلا حذر أمته الدجال، وأنذرهم به كما جاءت به الأخبار أحاديث وغيرها، من أنه ما بين آدم وقيام الساعة أشد فتنة من الدجال، وأن عينه اليمنى طافية كعنبة، مكتوب بين عينيه كافر يقرؤها كل مسلم.
وعنه صلى الله عليه وسلم:
" "إن خرج وأنا فيكم كفيتكم إياه وإلا فالله خليفتي فيكم، وأنه يحيي الله على يديه إبل الانسان الميتة، وأبا الانسان، ومن يعز عليه فيقال إنه الرب" وقيل: إنه يخيل الشيطان ذلك لهم، ولا دخل مكة ولا المدينة، ويقتله عيسى فى باب لد من الشام، ويتبعه سبعون ألفا من اليهود، يخرج من خراسان، ويسير فى الأرض أربعين عاما والعام كالشهر، والشهر كالجمعة، والجمعة كاليوم، واليوم كالساعة، أو كسعفة فى النار ويجىء بمثل الجنة والنار، وناره جنة، وجنته نار.
وأنكر الدجال الخوارج والجهمية، وبعض المعتزلة، وأثبته الجبائى، وأنكر ما يتخيل به من دلائل الربوبية أو النبوة، لأنها تغليظ فى الدين، وأجيب بأنه قرنت به دلائل البطلان، وأن لله تعالى أن يفتن من يشاء بما شاء، وإذا قيل إنها فى مشركى مكة وغيرهم، فالكبر التعاظم عن الحق، وحب الرياسة، أو أن تكون النبوة لهم كما قالوا:
" { لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } " [الزخرف: 31] وقالوا: " { لو كان خيراً ما سبقونا إليه } " [الأحقاف: 11] { فاسْتَعِذ بالله } من كيد الحاسدين، أو من فتنة الدجال { إنَّه } لأنه { هُو السَّميعُ } العالم بالأقوال { البَصِيرُ } العالم بالأفعال.