خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَآ إِلَى ٱللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ
٣٣
-فصلت

تيسير التفسير

{ ومَنْ أحْسنُ قولاً } استفهام انكار أى لا أحسن قولا { ممَّن دَعا } بلسانه أو كتابه أو نحو ذلك { إلى الله } الى دينه من التوحيد والعبادة، كرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه والتابعين، وهكذا والمؤذنين والمقيمين عند ارادة الصلاة، ولا يعترض بأن الأذان فى المدينة، والسورة مكية، لأن معنى الآية ممن دعا فى أى زمان وفى أى مكان، ولا نحتاج الى التأويل بتأخير الحكم عن النزول ألا ترى أن الآية شملت ما نحن الآن عليه، لأنه تعالى لم يخص الدعاء الى الله بشىء مخصوص، فيعترض بأنه لم يوجد حين النزول، وقيل: الدعاء الى الله شامل للقتال فى سبيل الله عز وجل، ولاخراج الحقوق بالضرب أو بالحبس ونحو ذلك، ولو باظهار طاعة ليقتدى بها، وكل دعاء الى الله داخل فى العبادة بالقول أو بالفعل، كالجهاد والحدود، أو بالقلب كالدعاء فيه بالهداية، أو بالايمان، ودعوة الأنبياء بالدلائل والمعجزات والسيف، ودعوة العلماء بالحجة، وهم علماء بالله وعلماء بصفاته، وعلماء بأحكامه، ودعوة المجاهدين بالسيف، ودعوة المؤذنين دعاء الى الصلاة والعبادة.
{ وعَمِل صالحا } عملا صالحا من أداء الفرائض، أو مع النفل كالصلاة بين الأذان والاقامة، وترك المعاصى اذا دعت النفس أو غيرها اليها، وهو داخل فى أداء الفرائض، وذلك على العموم عمل القلب والجراحة واللسان، وقيل: ركعتان بني الأذان والاقامة، ولا يتبادر هذا المخصوص، ولعله تمثيل، وفى الصحيحين، عنه صلى الله عليه وسلم:
" "بين كل أذانين صلاة" قاله ثلاثا، وقال ذلك لمن شاء، يعنى ليس فرضا، وروى أبو داود والترمذى، عن أنس: " "الدعاء بين الأذان والاقامة لا يرد" والمراد بالأذانين فى الحديث: الأذان والاقامة { وقال إنِّي مِن المسْلِمين } يقوله بلسانه فرحا به، وافتخارا على المشركين، وشهرة له، أو ذلك قول اعتقاد، يقال هذا قول فلان، أى معتقده ومذهبه، والآية تشير الى أن الداعى الى أمر من أمور الدين يكون عاملا به، ليكون أقرب الى القبول عنه، وكون الانسان فاعلا لمعصية لا يسقط عنه فرض النهى عنها، وكونه تاركا للفرض لا يسقط عنه فرض الأمر به.
ودلت الآية على أنه يجوز أن يقول الانسان: أنا مسلم أو مؤمن، أو من المسلمين أو من المؤمنين بحسب ما رأى من نفسه فى الحال، ولو لم يقل ان شاء الله، وان أراد عند الله أو أنه سعيد فليقل أن شاء الله.