خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَسْتَوِي ٱلْحَسَنَةُ وَلاَ ٱلسَّيِّئَةُ ٱدْفَعْ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا ٱلَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ
٣٤
-فصلت

تيسير التفسير

{ ولا تَسْتوي الحَسنَة } الخصلة من الطاعات، كلا اله الا الله، والصلاة والصوم، والحج والجهاد، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وحب النبى صلى الله عليه وسلم، وحب آله { ولا السِّيئة } كالشرك وترك الصلاة أو الصوم، ونحو ذلك من الفرائض، وبغض النبى صلى الله عليه وسلم ولله وهم كل برتقى كذا روى عن ابن عباس وعلى، فيكون قوله تعالى: { ادْفَع بالَّتى هى أحْسن فإذا الَّذى بينَك وبينَه عَداوةٌ كأنَّه وليٌّ حَميمٌ } خارجا عن ذلك بالعنوان، ومذكور للمشاكلة، ولو دخل بالماصدق، كما يقال الشىء بالشىء يذكر، والأولى أن المراد بالسيئة ما تكره النفس وبالحسنة ما تسكن اليه، أو ما يشمل ذلك، والمعاصى والطاعات، فالآية آمرة له صلى الله عليه وسلم ولغيره بالصبر على أذى المشركين، مع التمسك بالدين، وآمره بالحلم والمدارة، ومقابلة الاساءة، بالاحسان، وذلك أدْعى للمشرك الى الاسلام، وللعاصى الى التوبة، بخلاف الانتقام والغلظة.
وذلك التفسير أنسب بقوله: { ادفع بالتي هي أحسن } الخ، ولا صلى لتأكيد النفى، كقوله تعالى:
" { ولا الظل ولا الحرور } " [فاطر: 21] والشىء لا يستوى وحده، بل مع غيره، الا ان أريد استواء بعضه ببعض، ولو فسرنا الآية بأن الحسنات بعضها أفضل من بعض، والسيئات كذلك بعضها أقبح من بعض، على أن أل للجنس لكانت لا نافية لا صلة، ومفعول ادفع محذوف أى ادفع السيئة بالتى هى أحسن، كما صرح به فى آية أخرى، وأحسن خارج عن التفضيل أى بالفعلة التى هى حسنة، ويمكن بقاؤه على التفضيل بأن تكون حسنتان أو حسنات بعضها أفضل من بعض، فأمر بالدفع بالفضلى كالاحسان الى من أساء، وترك الانتقام فيدفع بالاحسان، والفاء فى جواب شرط محذوف، أى اذا دفعت السيئة بالتى هى أحسن، فاذا الذى الخ، واذا للفجاءة، اى فاجأك كون عدوك المشاق لك مثل وليك الشقيق فى مجرد أنه يترك ضرك، لا فى أنه يحبك، هذا هو الغالب، وقد يكون مثله فى الحب زيادة على ترك الضر قال:

إن العداوة تستحيل محبة بتدارك الهفوات بالحسنات

لا يصح أن الآية فى أبى سفيان بن حرب، لأن السورة مكية، وأبوسفيان أسلم قريبا من مكة عند سفره صلى الله عليه وسلم الى فتحها، نعم حكمها يقبل الصدق عليه، الا أنه قيل: مازال تصدر منه هفوة.