خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَمَا تَخْرُجُ مِن ثَمَرَاتٍ مِّنْ أَكْمَامِهَا وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَيَوْمَ يُنَادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكَآئِي قَالُوۤاْ آذَنَّاكَ مَا مِنَّا مِن شَهِيدٍ
٤٧
-فصلت

تيسير التفسير

{ إليْه } الى الله وحده لا الى غيره، ولا إليه والى غيره { يُردُّ عِلْم السَّاعة } متى هى إذا تردد قلبك أو سئلت متى هى، فقل لا يعلم وقتها إلا هو، وأما يعلمه الله أو الله يعلمه بارادة الحصر فى قولك: الله يعلمه، وهو حصر فى العرف لا فى الوضع الأصلى، فجائز، كما إذا سئلت شيئا فقلت هو عند فلان، تريد نفيه عن نفسك، وأما فى الوضع فجائز أن يقول: يعلم الله كذا، أو والله يعلمه، وتريد أن غيره يعلمه أيضا.
{ وما تخرجُ مِنْ ثَمراتٍ } فاعل ومن صلة { من أكمامها } جمع كم بالكسر، وقد يضم، وهو وعاء التمرة فى شجرتها نخلة أو غيرها مما له كم { وما تَحْملُ } جنينا { مِنْ أنْثى } فاعل، ومن صلة، وسواء الآدمية والجنية والحيوان، ويجوز جعل ما فى الموضعين غير نافية معطوفة على الساعة، فتكون من للبيان، ويكون تأنيث تخرج مراعاة لما الواقعة على ثمرات كأنه قيل: إليه يرد علم الساعة، وعلم الثمرات التى تخرج، والأنثى التى تحمل، وجعل ما نافية كما مر أولى { ولا تَضَع } الحمل، أو لا تضع الجنين { إلا بعِلْمه } إلا مع علمه بما يمكث الجنين فى بطنها من مدة، وبأنه منفرد أو متعدد، وبأنه ذكر أو أنثى أو خنثى، وما تضع، وعلى النفى بما يقدر مثل هذا فى الموضعين، أعما تخرج من ثمرات من أكمامها إلا بعلمه، وما تحمل من أنثى إلا بعلمه، أو قدر متعلقا عاما بعد تفصيل، أى لا يحصل ذلك إلا بعلمه، ولا يقدر، هذا المقام إذا جعلت ما اسما، والعطف فى ذلك كله على قوله تعالى: "إليه يرد علم الساعة" فيكون ذلك كالبرهان على الحشر، وأجيز عطفه على قوله:
" { ومن آياته أنك ترى الأرض } " [فصلت: 39] أو على: " { ومن آياته الليل والنهار } "[فصلت: 37] تقوية لبرهان البعث باختصاصه بعلم عموم ما يخرج من الثمرات، وما تحمل الأنثى، وعموم الوضع.
{ ويَوم يُناديهِم } اذكر يوم الخ، أو ظرف لمحذوف، أى ويوم يناديهم { أين شُركائي } يكون ما يكون، وسماهم شركاء على زعمهم كما قال:
" { أين شركائي الَّذين كنتم تزعمون } " [القصص: 62، 74] وفيه تهكم وتفريع، ويجوز تعليقه بقوله تعالى: { قالُوا } وعلى كل وجه يكون قولهم { آذناك ما منَّا مِنْ شَهيدٍ } جوابا لندائهم، إلا أنه إذا لم يعلق بقالوا يكون قالوا جواب سؤال، كأنه قيل: فما قالوا فى جواب النداء، وهاء { يناديهم } عائد الى من عبد غير الله كصنم وملك ونير، ونار، ومعى آذناك أخبرناك والمخبر بفتح الباء يجوز أن يكون عالما بالخير قبل الإخبار، كما هنا، ويجوز أن يكون غير عالم به، ولا يجوز أعلمناك، لأن الله سبحانه لا يجهل، ومنَّا خبر، وشهيد مبتدأ، ومن صلة أو فاعل للظرف، أى لا شاهد منا بالشركة لشىء معك، يقرون تارة يوم القيامة بأهم جعلوا لله شركاء،وتارة ينكرون، والجملة مفعول به لآذنا معلق عنها بالنفى.
وان تقدم عن قولهم: { آذناك ما منا من شهيد } ومثله فذلك إخبار، واعادة الله عز وجل السؤال زيادة توبيخ، وإلا فانشاء حملوا الإيذان بهذا الكلام، كقولك: اشتريت منشئاً للشراء، وموقعا له بهذا اللفظ لا إخبار عن شراء سابق، وقولك أعتقت عبدى منشئا للاعتاق بهذا اللفظ، ومحصلا له به،لا مخبرا عن اعتاق سابق، ويجوز أن يكون الايذان نفى الاشراك فى قلوبهم يوم القيامة، إذ علم ما فيها من النفى فسموه إخبارا بلسان الحال، وهذا لا يقتضى سبق سؤال، وكأنهم قالوا: أنت تعلم ما فيها، أو شهيد بمعنى حاضر، أى ما منَّا أحد يشاهد معبودا غيرك، وتارة يقرون بالمشاهدة، أو ذلك كناية عن نفى أن يكون له شريك، كقولك: فلان لا يشاهد فى السوق أك لا يوجد فيها، ولا نرى لك مثلا، أى لا مثل لك، وأجيز عود واو قالوا للشركاء، لما أسمعهم الله تعالى نداء من اتخذها شركاء، أجابوا بأنا لم يكن منا أحد يشهد أنهم محقون فى اتخاذهم ايانا آلهة، أو لم نشاهد عبادتهم، وفيه تفكيك الضمائر بعض لكذا، وبعض لكذا، بلا داع وما لا تفكيك فيه هو الأصل.