خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ ٱلَّذِي يَقْبَلُ ٱلتَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُواْ عَنِ ٱلسَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ
٢٥
-الشورى

تيسير التفسير

{ وهُو الذى يقْبل التَّوبة عَن عِباده } فلا يعاقبهم على ما تابوا عنه، وفى الحديث: " "إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" كما فى الترمذى، عن ابن عمر، وفى حديث: " "ما دام فيه الروح" وشهر أنه لا تقبل إذا عاين، وفى حديث عبد الله بن مسعود وأنس: " "أن الله تعالى أفرح بتوبة العبد من رجل نزل فى أرض مفازة مهلكة ونام ويقضى وقد ذهب عنه بعيره عليه طعامه وثوابه فطلبه حتى اشتد الحر والعطش، فرجع لموضعه، ووضع رأسه على ساعده ليموت فاذا هو على رأسه، فأخذ برسنه أو ذهب الى شجرة فنام تحتها فلم يوقظه إلا بعيره يأكل منها فأخذ بخطامه" .
والتوبة أن يندم عن الذنب خوفا من عذاب الآخرة، أو طمعا فى الجنة، أو لهما معا، أو إجلالا لله، ويعزم أن لا يعود اليه، ويقضى ما عليه من حق الله فيه، أو حق المخلوق، أو يعفو صاحب الحق، أو وارثه، فان لم يصل الى ذلك أعطى الفقراء، وان لم يصل الى ذلك لعسره أوصى به، وقيل: التوبة الرجوع، والباقى شروط، دخل أعرابى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: اللهم أستغفرك وأتوب اليك وكبر، ولما فرغ من صلاته قال له على: سرعة اللسان بالاستغفار توبة للكذابين، وتوبتك تحتاج الى التوبة، فقال: يا أمير المؤمنين ما التوبة؟ فقال: الندم على الذنب، وقضاء الفرائض، ورد المظالم، وإذابة النفس فى الطاعة كما ربيتها بالمعصية، واذاقة النفس مرارة الطاعة، كما أذقتها حلاوة المعصية، والبكاء بدل ضحك ضحكته.
قال سهل بن عبد الله التسترى: التوبة الانتقال من الأحوال المذمومة الى الأحوال المحمودة، وفى الصحيحين، عن أبى هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" "والله إنى لأستغفر الله وأتوب اليه فى اليوم أكثر من سبعين مرة" وفسر الأكثر فى رواية الأغر بن بشار لمسلم، "يا أيها الناس توبوا الى الله فانى أتوب اليه فى اليوم مائة مرة" وروى مسلم، عن أبى موسى أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله عز وجل يبسط يده بالليل ليتوب مسىء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسىء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها، وان تاب عن بعض المعاصى، وأصر على بعض صحت توبته عن ذلك البعض، فلا يعاقب فى الآخرة إلا على ما أصر عليه" ،وأكثر المعتزلة على أنها غير صحيحة، وقبول التوبة غير واجب على الله عز وجل، ولا واجب على الله عز وجل خلافا للمعتزلة { ويْعفُوا عَن السيئات } الصغائر، باجتناب الكبائر، والكبائر بالتوبة لقوله تعالى: " { إلا من تاب } " [مريم: 60، الفرقان: 70] وانه لغفار لمن تاب، والأشاعرة أجازوا العفو عن الكبائر غير الشرك بلا توبة، ومنها الاصرار على الصغائر وهذا تفسير لما قبله، أو يراد بما قبله، أو يراد بما قبله الكبائر، وبهذا الصغائر { ويعْلُم ما يفْعَلون } من خير وشر فيجازيهم عليه، وهذا تحذير وإغراء.