خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَآ إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِّتُنذِرَ أُمَّ ٱلْقُرَىٰ وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنذِرَ يَوْمَ ٱلْجَمْعِ لاَ رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي ٱلْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي ٱلسَّعِيرِ
٧
-الشورى

تيسير التفسير

{ وكَذلكَ أوحينا إليْك قُرآناً عَربيا } أوحينا إليك القرآن مثل الايحاء الى من قبلك، أو أوحينا اليك قرآنا عربياً، كما أوحينا إليك غيره، أو أوحينا إليك هذه السورة العربية، كما أوحينا إليك غيرها، وقيل: الاشارة الى معنى قوله: { الله حفيظ عليهم وما أنت عليهم بوكيل } [الشورى: 6] على أن الكاف مفعول به لأوحينا، وقرآنا حال منها،أو الى لفظ الله حفيظ الخ، والموحى يطلق على المعنى وعلى اللفظ، وهو الأصل، إلا أن بين اللفظ والمعنى مقاربة قوية، حتى أنه ينسب لأحدهما ما للأخر.
{ لتُنْذر أم القُرى } مجاز بالحذف، أى أهل أم القرى، أو تجوز فى النسبة الايقاعية لعلاقة الحلول، وهى مكة، سميت لأنها دحيت الأرض منها، أو هى أم لما حولها من القرى، لأنها حدثت قبلها، لا قرى الدنيا كلها { ومَنْ حَولَها } من العرب، لأن السورة مكية، وهم أقرب اليه محلا ونسبا، فهم أول من ينذر، ولدفع ما يتوهم أنه يشفع لهم، ولو بقوا على الاشراك لفضل مكة وقربهم محلا ونسبا، ومن استحق الانذار مكلف، وقيل: من حولها جميع أهل الأرض، وهى وسطها، ويرده تخالف الطول والعرض، وأما من حيث العمران، فعمران الشمال أكثر من معمور الجنوب.
{ وتُنُذر يوم الجَمع } والانذار يتعدى لاثنين، حذف الثانى من الجملة الأولى، أى لتنذر أم القرى يوم الجمع، وحذف من الجملة الثانية المفعول الأول، أى وتنذر من حولها يوم الجمع، حذف من كل واحد ما ثبت فى الآخر بطريق الاحتباك، وقد يتعدى الى الثانى بالباء، أو يقدر المحذوف عاما، فالحذف للعموم أى لتنذر أم القرى كل مخوف من الدنيا والآخرة، وتنذر كل أحد يوم الجمع، ومعنى الجمع جمع الخلق كما قال الله عز وجل:
" { يوم يجمعكم ليوم الجمع } " [التغابن: 9] وقيل: جمع الأرواح والأشباح، أى الأجساد، وقيل: جمع الأعمال والعمال.
{ لا ريْبَ فيه } حال من يوم أو مستأنف، وكأنه قيل: فما حالهم بعد جمعهم فى الموقف؟ فقال: { فريقٌ } مبتدأ حذف نعته، أى فريق منهم { في الجنَّة } خبر { وفريقٌ } منهم { في السَّعِير } أو خبر لمحذوف، أى هم فريق فى الجنة، وفريق فى السعير، أو ومنهم فريق فى السعير، روى أحمد فى مسنده،
" "عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم قابضا على كفه، ومعه كتابان، فقال: أتدرون ما هذان الكتابان؟ قلنا: لا يا رسول الله قال للذى فى يده اليمنى: هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل الجنة وأسماء آبائهم وعشائرهم، وعدتهم قبل أن يستقروا نطفا فى الأرحام، إذ هم فى الطينة منجدلون، فليس بزائد فيهم، ولا ناقص منهم إجمالا عليهم الى يوم القيامة ثم قال للذي في يساره: هذا كتاب من رب العالمين بأسماء أهل النار وأسماء آبائهم وعشائرهم وعددهم قبل أن يستقروا نطفا فى الأصلاب، وقبل أن يستقروا نطفا فى الأرحام إذ هم فى الطينة منجدلون، فليس بزائد فيهم، ولا ناقص منهم، إجمال من الله تعالى عليهم الى يوم القيامة فقال عبد الله بن عمرو: فيم العمل إذن؟ قال: اعملوا وسددوا وقاربوا فان صاحب الجنة يختم له بعمل أهل الجنة، وان عمل أى عمل ثم قال: { فريق في الجنة وفريق في السعير } عدل من الله تعالى وفى رواية: وصاحب النار يختم له بعمل أهل النار وأن عمل أى عمل" .