خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً مِّن قَبْلِهِ فَهُم بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ
٢١
بَلْ قَالُوۤاْ إِنَّا وَجَدْنَآ ءَابَآءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَارِهِم مُّهْتَدُونَ
٢٢
-الزخرف

تيسير التفسير

{ أم آتيناهم كتاباً } بل آتيناهم كتابا اضراب انتقال وانكار { مِن قبْله } قبل القرآن، أو قبل الرسول لدليل السياق فى الوجهين، ويجوز عوده على العلم المذكور على طريق الاستخدام، أو المراد من قبل قولهم هذا { فَهُم بِه مُسْتمسِكُونَ } بما فيه من أنه لو نهى الله عز وجل عن عبادة الملائكة لم تصدر منهم، أو من أنها غير محرمة، مالهم من الله من كتاب فى ذلك، بل قلدوا آباءهم كما قال تعالى:
{ بل قالُوا إنَّا وجدنا آباءنا على أمَّةٍ } طريقة تتخذ ديناً وتؤم أى تقصد، ولذلك فسر بالدين، لأنه يقصد، وذلك كقدوة لمن يقتدى به، ورحلة لمن يرحل اليه فى المهمات، وفسر بعضهم الأمة بالجماعة، وهو راجع للأول، لأن الجماعة مقصودة يقتدى بها، ويتبع بعضها بعضا قال شاعر اسلامى:

وهل يستوى ذو أمة وكفور

أى ذو دين، وقال قيس بن الحطيم:

كنا على أمة آبائنا ويقتدى بالأول الآخر

أى على دين آبائنا، ولا تقع معصية ولا طاعة ولا غيرهما إلا بمشيئة، والمعصية واقعة بمشيئته كالطاعة، قيل ولا تقل بارادته وباذنه إلا على معنى قضائه، ويجتنب ما يوهم، والصواب أن الارادة كالمشيئة والالزام أنه عصى مكرها، وكفرت المعتزلة من قال: المعصية بمشيئة الله، ونقول: هم كفروا بهذا التكفير كفر نفاق ونعمة، ولا حجة لهم فى الآية، لأن المعنى: ان الله عاب عليهم اعتذارهم بمشيئة الله عز وجل، وهى ليست عذرا لأنه لو لم يشأ لكان معصيا قهرا ولو وقع فى الوجود ما لم تجر عليه قدرته، وهذا كقولهم بخلق العبد فعله.
واعلم أن الآية شاملة بالمعنى للفساق الموحدين فسق خيانة أو فسق تحليل وتحريم بتأويل، حيث لا يجوز الخلاف، وقد قال صلى الله عليه وسلم:
"افترقت اليهود على احدى وسبعين فرقة كلها هالكة إلا واحدة ناجية، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة كلها هالكة إلاَّ واحدة ناجية، وستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها هالكة إلاَّ واحدة ناجية" وهذا هو المشهور، وعليه أبو عبيدةرحمه الله تعالى.
قال بعض أهل عمان: انه أدرك بعض الصحابة الذين أخذ عنهم جابر بن زيدرحمه الله ، وسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفرقة الناجية فقال:
"هم الذين يعملون بكتاب الله تعالى وسنتي" ولفظ أبى يعقوب يوسف: " ستفترق أمتى على ثلاث وسبعين فرقة كلهن الى النار ما خلا واحدة ناجية وكلهم يدعى تلك الواحدة" الحديث، وفى حديث آخر: " ستفترقون على احدى وستين فرقة" وفى حديث آخر: " افترقت اليهود على احدى وسبعين فرقة والنصارى على اثنتين وسبعين، وستفترقون على ثلاث وسبعين فرقة" الحديث، وفى حديث آخر: " افترقت النصارى على احدى وثمانين، واليهود على اثنتين وسبعين فرقة، وأنتم على ثلاث وسبعين فرقة" الحديث، والحديث يعنى الحديث الأخير من المسندات، وليس من المتواترات، انتهى كلام أبى يعقوب، وفى الأحاديث موافقة لقوله صلى الله عليه وسلم: "كل زمان شر مما قبله وخير مما بعده" وكون هذه الآمة شرا من النصارى إنما هو باعتبار من تقوم عليهم الساعة، فانهم شر الأمم على الاطلاق، والكلام بالاعتبار لا بالاطلاق، لأن هذه الآمة أفضل الأمم.
{ وإنَّا عَلى آثارهم } خبر ان { مهْتَدون } خبر ثان، أو خبرها، وعلى متعلق به قدم للفاصلة، ولاهتمامهم بالآثار، والآثار استعارة من آثار الأقدام لأقوالهم الباطلة، قولهم: لو شاء، وقولهم: هذا وقولهم فى الملائكة انها إناث بنات الله سبحانه، وعلى الأول مجمع الأثر، لأن كلا منهم يقول: لو شاء، ويجوز أن يريدون بالآثار أباطيلهم كلها، كأنهم احتجوا بأنهم مقتفون بآبائهم فى أقوالهم، وإن منها،
" { لو شاء الرحمن } " [الزخرف: 20] أو مع مسألة الملائكة.