خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
٣
-الزخرف

تيسير التفسير

{ إنَّا جَعَلناهُ } ذلك الكتاب المبين { قرآناً عَربياً } صيرنا معانيه مترجما عنها بألفاظ عربية تقرأ، وهذا التصيير خلق، فالقرآن مخلوق، ولا قرآن سوى هذه الألفاظ، كما هو ظاهر آيات من القرآن، كما اذا ثبت قيام زيد فصيرت منه قام زيد، وليس مصيرا من الكلام النفسى، اذ لم يثبت وصف الله بالكلام النفسى، لأن فيه تشبيها بالمخلوق، وسمى كلام الله لأنه خلقه، وفسر ابن عباس: { إنَّا جعلناه قرآناً عربياً } بكتبناه فى اللوح المحفوظ قرآنا عربيا ولا يصح عنه نفى خلقه، فان صح عنه أنه قال لسائله: أهو خلق من خلق الله، بل كلام من كلام الله، فالمراد أنه رجح له تسميته كلام الله، لأنها الواردة فى القرآن حتى يسمع كلام الله، فان كلام الله القديم لا يسمع على فرض ثبوته، ودعوى أن هذا ترجمة القرآن عن الكلام القديم النفسى تكلف، وخروج عن الظاهر الى باطن لا دليل عليه، وخروج من علم ونور، الى جهل منهم وظلمة.
جاء ابو شاكر الديصانى من فارس، فرأى حلق المسلمين كثيرة مع علم كثير، وفهم فائق، وأراد أضلالهم، فعمد الى حلقة الحديث، لأنهم أرق نفسا، وأضعف، وقال لهم: عجمى أسلمت، ورأيت حلقتكم أكثر ذكرا له صلى الله عليه وسلم، وأولى لنا أن نعتزل عن هؤلاء الخلق، لئلا نسمع كلامهم، وقالوا: أصدقت، وكلما ذكر صلى الله عليه وسلم شهق وأظهر الورع، ثم تغيب مدة وقالوا: أن مرض عدناه، أو احتاج أعطيناه، فوجدوه فى قعر بيت يبكى، وقالوا: مالك؟ قال: وقع ما حذرتكم عنه، أتيت حلقة حماد بن أبى حنيفة فقيل: ما تقول فى القرآن؟ فقال: انه مخلوق، عمد الى كلام الله وضيائه الذى خرج منه، واليه يعود، فجعله مخلوقا، وجعل الله قبل خلق القرآن أخرص عاجز محتاجا، فبكوا وقالوا: وجب علينا جهاد هؤلاء بأن نخالطهم ونأخذ من كلامهم، ونرد عليهم، فذهب بعض الى حلقة علم الكلام، وبعض الى القدرية، وبعض الى حلقة حماد، { لعلَّكم تعقلُونَ } كى تعقلوا معانيه.