خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يٰقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِيۤ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ
٥١
-الزخرف

تيسير التفسير

{ ونادى } ليصرف الناس عن اتباع موسى، اذ كشف الضر بدعائه { فرعون في قومه } عطف على ما قبله عطف قصة، أو على المعنى المسمى فى غير القرآن، عطف توهم، كأنه قد قيل فاجئوا النكث، ونادى لا على فاجأ مقدار فى العبارة، ويجوز العطف على ينكثون وقومه اشرافه المعبر عنهم بالملأ، جميعهم فى محله أو جميع قومه، لأن النداء فى ملئه نداء فى القبط كلهم، أو أراد بالقوم مملكته كذلك، وكل واحد من ملئه بشر نداءه فى قومه فيعم، أو أراد أنه نادى منادوه فى الأسواق والشوارع والمجامع والبلاد، فحذف المضاف أو أسند الى نفسه على التجوز فى الاسناد، والمنادى حقيقة غيره فى كل وجه، وعدى نادى بفى لأنه أراد النداء فيهم، ولا مفعول له صريح، لأن المراد صرخ فيهم، وكأنه قيل ماذا قال فى ندائه فقيل:
{ قال يا قوم } القوم هم المذكرون { أليْس لي مُلْك مِصْر } لم يرد القاهرة وحدها، بل مصر عبارة عن القاهرة وأعمالها، أو أراد بملك مصر ما ملكته القاهرة من الأعمال، كأنها مالكة، لأن أحكام أعمالها تحت حكمها، ودخلت القاهيرة بالمساواة أو بالأولى، لأن أعمالها كأعضاء الانسان اذا قطعت تعطل، أو أراد القاهرة خصوصا واعمالها تابعة لها، والملك بمعنى مملوكات، ويجوز أن يكون مصدرا، أى التصرف فيها، وأعمالها، الاسكندرية وأسوان وما بينهما.
{ وهَذه الأنهار } عطف على { لي ملك مصر } كأنه قيل: أليس لى هذه الأنهار وقوله: { تَجري من تَحتي } حال من هذه، أو قوله: { هذه الأنهار تجري من تحتي } مبتدأ وخبر، والعطف على ليس لى ملك مصر، أوهى حال من الياء، وليس فى هذا الوجه من المبتدأ والخبر، التصريح بأنها مملوكة له، لكن معلوم ذلك من المقام، اذ ملك مصر وأعمالها فكيف يتصور أن يملكها دون أنهارها وأيضا جريانها تحته بكيفية يشاؤها، كالتصريح فى أنها ملكه، وأيضا قد يقال: من تحتى بمعنى بأمرى وتصرفى، والأنهار الخلج المفتتحة من النيل، كنهر الملك، ونهر دمياط، ونهر تنيس، ولعل نهر طولون كان على عهده واندرس، وجدده أحمد بن طولون فى الاسلام، والمشهور الأنهار تجرى من تحته بمعنى تحت قصره، أى من تحت قصرى، وقصره مشرف عليها، أو تحت سرير، وكان له سرير مرتفع تجرى من تحته أو تحت أشجاره، وكانت له بساتين وجنان.
{ أفلا تُبْصرون } أغفلتم فلا تعقلن ذلك، وأذهلتم بأمر موسى فلا تعقلون ذلك، أو لا مفعول له بمعنى أليس لكم بصيرة، ادعى الربوبية مع أنه ليس له إلا ملك مصر، وهذا عجيب، ولما قرأ هارون الرشيد هذه الآية قال: لأولين مصر أخس عبيدى فولاها الخصيب وكان على وضوئه روى ذلك، ومعنى على وضوئه أنه لم ينتقض بالكذب، اذ لم يكذب فى أن الخصيب أخس عبيده، أو كان الخصيب عبدا له ما يلى من أمر الملك هارون الا استعداد الماء للتوضؤ، والقيام بشأن الوضوء، ووليها عبد الله بن طاهر، فخرج اليها، فلما شارفها ووقع عليها بصره قال: هى القرية التى افتخر بها فرعون، حتى قال: { أليس لي ملك مصر } والله لهى عندى أقل من أن أدخلها، فثنى عنانه.