خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقِيلَ ٱلْيَوْمَ نَنسَاكُمْ كَمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَا وَمَأْوَاكُمُ ٱلنَّارُ وَمَا لَكُمْ مِّن نَّاصِرِينَ
٣٤
-الجاثية

تيسير التفسير

{ وقيل } قال الله { اليْوم } متعلق بقوله تعالى { ننساكم } أى نترككم فى العذاب، وقدم على طريق الاهتمام بوقت العذاب الذى أنكروا مجيئه، وللتشويق الى ما بعد، فيزيد ذكره شدة، وربما اذا سمعوا لفظ اليوم طمعوا أن يقال بعده عفوت، ومعنى ننساكم نترككم، على أن النسيان وضع مشتركا للترك، ولعدم التذكر أو على أنه فى الترك مجاز بمعنى نعاملكم معاملة ما ينسى، أو أطلق السبب على المسبب، لأن من نسيى شيئا تركه، ويجوز أن يكون ذلك استعارة تمثيلية، بأن شبههم وإبقاءهم فى النار على استمرار بشىء، ونسيانه على حله بلا تنبه له، والجامع عدم التعرض له بالاقبال عليه، والاعتناء أو شبه المخاطبين بالشىء المنسى، ورمز إليه بذكر النسيان على الاستعارة المكنية.
{ كَما نَسيتُم } فى الدنيا { لقاء يومكُم هَذا } نسيانا ثابتا كنساكم لقاء يومكم هذا، أو سيانا مثل نسيانكم، لقاء يومكم هذا، لم تؤمنوا به، ولم تستعدوا له بالعمل الصالح، أو جعلتموه كالشىء المنسى الذى لا يخطر بالبال، أو لما علموا به سماعا، أو صار بحد ما يوقن لكثرة الدلائل، عبر عنه بالنسيان كما ينسى الشىء المعلوم، كما قال الله سبحانه وتعالى: { ننساكم } مشاكلة وأضاف لقاء الى يوم اضافة مصدر لمفعوله على طريق المبالغة فى التوبيخ بأن وبخوا على نسيان اللقاء، فكيف نسيان ما فيه من العقاب، أيضا لقاءه قد يجعل كناية عن لقاء ما فيه، فلا يلزم اعتبار أن الأصل الوبيخ على نسيان ما فيه، وأن ما فيه هو الأحق بالمفعولية، وأن اللقاء كالمفعول لا مفعول، وعلى هذا الاعتبار يجعل من اضافة المصدر الى ظرفه، والأصل كما نسيتم لقاءكم العقاب فى يومكم، أو لقاءكم الله فى يومكم { ومأواكم النَّار ومَا لكُم من ناصرين } يمنعونكم من دخولها، أو يخرجونكم منها بعد الدخول.