خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ ٱلسَّاعَةَ أَن تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جَآءَ أَشْرَاطُهَا فَأَنَّىٰ لَهُمْ إِذَا جَآءَتْهُمْ ذِكْرَٰهُمْ
١٨
-محمد

تيسير التفسير

{ فَهَل } عطف قصة على أخرى، أو عطف على محذوف أى مالهم داموا على الصرار، فهل الخ، وانما سميت ذلك الاستفهام قصة مع ان القصة فى الاخبار لأن المراد به النفى { ينْظُرون } ينتظرون بتأخير التذكر بأحوال الأمم المهلكة قبلهم، مع اقامة الحجج عليهم { إلاَّ السَّاعة } يوم القيامة { أنْ تأتيَهُم } المصدر منه بدل اشتمال، أى هل ينظرون الا اتيان الساعة وما فيها من عظائم الأهوال { بغْتةً } اتيان بغتة أو باغتة بغتة { فقد جاء أشراطها } علاماتها، والمفرد شرط بفتح الشين والراء، تعليل لقرب الساعة الذى دل عليه ما قبله، وما جاء علامات قرب الساعة لا يعد بعيدا، وقيل تعليل لانتظار الساعة، ما بقى لهم لمجىء أشراطها الا انتظارها لو أثبتوها، وظهور أمارات الشىء سبب لانتظاره، وقيل: تعليل للبغتة لكن على معنى أثبتنا البغتة لمجىء الأشرط، كبعث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فانه فى الكتب السالفة نبى آخر الزمان، وفى حديث البخارى ومسلم والترمذى عن أنس، ومثله عن سهل بن سعد أنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعثت أنا والساعة كهاتين" وأشار بالسبابة والوسطى، تشبيها لقربها بقرب السبابة ان تساوى الوسطى طولا.
وفى مسند أحمد: عن بريدة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
"بعثت أنا والساعة جميعاً وإنْ كادت لتسبقني" وانشقاق القمر على عهده صلى الله عليه وسلم، وكالدخان لأهل مكة على عهده صلى الله الرحمن الرحيم عليه وسلم، وكخروج المهدى، ويموت سريعا، وقالت الشيعة: يعيش مدة صالحة، وكنزول عيسى عليه السلام وخروج الدجال، وطلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة، وكترؤس الحفاة الرعاة، والتطاول فى البنيان، وكثرة الغيبة، وأكل الربا وشرب الخمر، وتعظيم رب المال، وقلة الكرام، وكثرة اللئام، والتباهى فى المساجد، واتخاذها طرقا، وسوء الجوار، وقطع الأرحام، وقلة العلم، وأن يوسد الأمر الى غير أهله، وفى رواية للبخارى ومسلم، عن أنس، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بعثت أنا والساعة كهاتين كفضل إحداهما على الأخرى" وضم السبابة والوسطى، وفى رواية: "بعثت في نفس الساعة، فسبقتها كفضل هذه الأخرى" .
والمتبادر هو المشهور التفاوت فى التمثيل فى طولا الأصبعين، وقيل فى قرب المجاورة، خطب صلى الله عليه وسلم حين كادت الشمس تغرب، ولم يبق منها إلا شف بكسر الشين، وشد الفاء أى قيل فقال: "والذي نفس محمد بيده ما مثل ما مضى من الدنيا فيها بقي منها إلا مثل ما مضى من يومكم هذا، فيما بقي منه" فى الترمذى، وعن أبى هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "بادروا بالأعمال سبعاً فهل ينتظرون إلاَّ فقراً منسياً أو غنى مطغياً أو مرضاً مفسداً أو هرماً مقيداً، أو موتاً مجهزاً، أو الدجال شر غائب ينتظر، أو الساعة والساعة أدهى وأمر" وفى البخارى ومسلم، عن أنس وأبى هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أشراط الساعة رفع العلم، وظهور الجهل، وشرب الخمر، وفشوا الزنى وكثرة النساء، وقلة الرجال، حتى يكون لخمسين امرأة قيم واحد، وتقارب الزمان، وظهور الفتن، والشح، وكثرة القتل" وقال أعرابى: " متى الساعة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: إذا اضيعت الأمانة فانتظر الساعة فقال: ما إضاعتها؟ قال إن يوسد الأمر إلى غير أهله" وينسب للسيوطى: أنه لا تتم خمسمائة بعد الألف، ومثله فى رسالة له تقوم الساعة فى نحو الألف وخمسمائة، بنى ذلك على أن مدة الدنيا سبعة آلاف سنة، وأنه صلى الله عليه وسلم بعث فى آخر الألف السادسة، وأن الدجال يخرج على رأس مائة، وينزل عيسى فيقتله، ويمكث بعده أربعين سنة، وأن الناس يمكثون بعد طلوع الشمس من مغربها مائة وعشرين سنة، وقد مضى من البعثة الى زماننا هذا ألف وثلاثمائة واثنان وعشرون سنة، وشهر وأيام سبعة يتبادر لك اختلال ما ذكر، ولا يعلم الغيب إلا الله، إلا أن علامات قرب الساعة ظاهرة.
{ فأنَّى } من أين وهو خبر لذكرى { لَهُم } متعلق باستقرار أنى بمعنى من أين أو بنى لنيابته عن الاستقرار { وإذا جاءتهم } الساعة، وجواب إذا أغنى عنه جملة أنى لهم، ذكراهم والاضافة فى قوله: { ذكراهم } للاستحقاق أى الذكرى التى من شأنهم أن يحصلوها لوجوبها عليهم، وقيل ذكر أهم فاعل جاءتاى أنى لهم الخلاص اذا جاءتهم الذكرى بما كانوا يخبرون به فى الدنيا، فينكرونه.