خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَلاَ تُبْطِلُوۤاْ أَعْمَالَكُمْ
٣٣
-محمد

تيسير التفسير

{ يا أيُّها الَّذين آمنُوا أطيعُوا الله وأطيعُوا الرسُول } أى دوموا على الطاعة، أو زيدوا فيها أو لا تكتفوا بكلمة الشهادة، أو اجمعوا الطاعة مع ترك ما يحبطهما كما قيل: { ولا تُبْطلُوا أعْمالكم } كالصدقات بالكبائر، ومنها الاصرار على المعاصى كما قال الحسن، ولا بالمن بالاسلام، كما قيل نزلت فى بنى اسد، أسلموا وقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم منّاً عليه: قد آثرناك وجئناك بنفوسنا وأهلنا، والمعتبر عموم اللفظ، وان تاب المذنب رجع اليه عمله الحسن، وأثيب عليه، ومثل ذلك قوله تعالى: " { يمنون عليك أنْ أسلموا } " [الحجرات: 17] فالأعمال الحسنة تبطل بالرياء والسمعة والشك، والعجب اذا عمل به، مثل أن يتكبر أو يأمن المكر، وهو يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب قال الله عز وجل: " { لا تبطلوا صدقاتكم بالمنِّ والأذى } " [البقرة: 264] والحاصل لا تبطلوا طاعاتكم بمعاصيكم فتعاقبون بها، ولا تثابون على طاعاتكم.
قال قتادة فى معنى الآية: من استطاع منكم أن لا يبطل عملا صالحا بعمل سوء فليفعل، ولا يبطل العمل بالافطار من النفل موافقة للأخ فى الله تعالى أعلمه بأنى صائم أو لم يعلمه، روى أبو سعيد الخدرى: أن رجلا أضاف رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه رضى الله عنهم، وكان فيهم رجل صائم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم:
"أجب أخاك وافطر واقض يوماً مكانه" وذلك ندب، وعنه صلى الله عليه وسلم: "إذا دُعي أحدكم إلى طعام فليجب فإنْ كان مفطراً فليأكل، وإنْ كان صائماً فليصل له" أى يدع بالبركة، ولعله يندب اذا كان للمضيف اعتناء بافطاره، والا فالبقاء على الصوم والدعاء له أفضل.
ووضع الطعام بعد أن دعى عمر وهو صائم فمد يده وقال: خذوا باسم الله، ثم قبض يده وقال: انى صائم، فالافطار جائز والاخبار بالصوم ليس رياء ان لم يقصد الرياء، وأخرج عبد بن حميد، ومحمد ابن نصر المروزى فى كتاب الصلاة، وابن أبى حاتم عن أبى العالية: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يرون أنه لا يضر ذنب مع لا إله إلا الله، كما لا ينفع عمل مع الشرك حتى نزلت { أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم } فخافوا أن يبطل الذنب العمل، وشددوا وخافوا أن لا يغفر ذنب بعد التوبة، فنزل قوله تعالى:
" { قل يا عبادي الذين أسرفوا } " [الزمر: 53] الخ ولفظ عبد بن حميد: فخافوا الكبائر أن تحبط أعمالهم.
والآية دليل لنا، وللمعتزلة أن الكبيرة الواحدة، أو الصغيرة المصر عليها تحبط الأعمال، ولو كانت بعد نجوم السماء، ومعنى قوله تعالى:
" { فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره } " [الزلزلة: 7] معناه ما لم يحبها بالاصرار، وقوله تعالى: " { ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره } " [الزلزلة: 8] معناه ما لم يمحها بالتوبة، واعادة أطيعوا مع الرسول للتأكيد.