خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ أَنَّ ٱلنَّفْسَ بِٱلنَّفْسِ وَٱلْعَيْنَ بِٱلْعَيْنِ وَٱلأَنْفَ بِٱلأَنْفِ وَٱلأُذُنَ بِٱلأُذُنِ وَٱلسِّنَّ بِٱلسِّنِّ وَٱلْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَآ أنزَلَ ٱللَّهُ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ
٤٥
-المائدة

تيسير التفسير

{ وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ } على الذين هادوا { فِيهَا } في التوراة { أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ } النفس الجانية تقتل بالنفس المجنى عليها، الأُولى القاتلة والثانية المقتولة والباء للعوض. { والعَيْنَ بِالعَيْنِ } تفقأ بالعين { والأَنْفَ بِالأَنْفِ } تجدع بالأَنف { والأُذْنَ بِالأُذْنِ } تصلم بالأُذن { والسِّنَّ بالسِّنِّ } تقلع بالسن والمحذوفات غير واجبات الحذف لأنها أَكوان خاصة، ولم يجز حذفها إِلا لدليل هو هنا المقام، ويجوز أَن يقدر تؤخذ بالنفس وينسحب على ما بعد ذلك وذلك عطف على معمولى عامل واحد وهو إِن، وإِنما قدرت المضارع لا اسم مفعول لأَن المقام للتجدد ويضعف هنا تقدير الكون العام المحذوف وجوباً هكذا: النفس ثابتة أَو تثبت بالنفس، وكذا ينسحب لأَن الكون الخاص أَفيد والنفس بمعنى الإِنسان يذكر أَو بمعنى الروح يؤنث فتصغيره نفيسة بالتاء والعين في الوجه يؤنث وكذا الأذن والأَنف يذكر والسن يؤنث ولو كان بمعنى الكبر في العمر ويذكر الناب والضرس والناجذ والضاحك والعارض مع أَنهن أسنان، ويؤنث اليد والضلع والرجل والكبد والكرش ويذكر الحاجب والصدغ والخد والمرفق واللسان { والجُرُوحَ قِصَاصٌ } ذات قصاص أَو مقتص بها إِذا أَمكنت فيها المماثلة كاليد والرجل والإِصبع والمفصل والذكر والأَنثيين والشفتين واللسان لا فيما يصعب فيه إِدراك المماثلة كرض اللحم وكسر العظم ففيه ديته، ويقال الحكومة، وبسطت ذلك في الفروع، ويقتل الرجل بالمرأَة ويرد لورثته نصف الدية ولا يقتل حر بعبد ولو مكاتباً ولا مسلم بمشرك ولو كتابيا في ذمة أَو معاهد أَو مستأمنا أَو جاراً ليسمع كلام الله عز وجل، وزعم بعض قومنا أَن الكافر يقتل المؤمن به والحر بالعبد ورووا أَنه صلى الله عليه وسلم قتل مؤمناً بذمى، والصحيح ما مر وبه جاءَ الحديث، ولا يصح أَنه قتل مؤمناً بكافر، ولا يقتل أَب أَو أمْ أَو جد بالابن كما في الحديث وعن مالك أَنه يذبح ولده، وتقتل الجماعة بالواحد كما قال عمر رضى الله عنه خلافا لأَحمد، ولزم عليه كثرة إهراق الدماء بالجماعات وفى قتلهن كف ولا جحة له فى الآية لأَن المراد فيها ما شمل الجنس { فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ } أَى بواحد مما ذكر من النفس والعين وقصاص الجروح وما بينهما أَى عفا عن الجانى { فَهْوَ } أَى الواحد مما ذكر باعتبار التصدق به أَو الهاء للتصدق { كَفَّارَةٌ لَهُ } أَى لذنوب الذى عفا حتى ولى المقتول إِذا عفا فعفوه كفارة له لأَن له القتل أَو الدية فترك ذلك وتارة الدية، وللمقتول عوض من الله إِن تاب القاتل وإِلا فمن حسناته والله أَعلمْ وعنه صلى الله عليه وسلم: "من أصيب في جسده كفر الله تعالى عنه بقدره من ذنوبه" ، فقيل: هذا فيمن عفى عن جانيه، ففى رواية عنه صلى الله عليه وسلم: "يحط عنه بقدر ما عفا من ذنوبه إِن عفا نصف بنصف الذنوب وربع بربع وثلث بثلث وكل بكل" ، أَعطى الولى دية وديتين وثلاثاً على عهد معاوية فأبى إِلا القتل فروى صحابى عنه صلى الله عليه وسلم من تصدق بدم غفر له من يوم ولد إِلى أَن يموت، وقيل المراد العموم كما تبادر وقيل الهاء للجانى وعليه ابن عباس أَى فالتصدق ستر للجانى عن أَن يؤخذ بذلك في الدنيا، وأَما الآخرة فمتوقفة على التوبة، أَو فالتصدق كفارة لجنايته أَى لا يؤخذ بها إذا تصدق عليه بها صاحب الحق ولو كان يؤاخذ في الآخرة على إصراره وأَما أَجر العافى ففى قوله: { { فمن عفا وأَصلح فأَجره على الله } [الشورى: 40] أَو المعنى فمن تصدق بالقصاص فى نفسه أَو فى الجروح أَو ما بينها بأَن انقاد لصاحب الحق أَن يقتص منه فالتصدق كفارة لجنايته { وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ } في القصاص أَو غيره { فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } لأَنفسهم وغيرهم. وناسب ذكر الظلم لأَنه عقب تباعات مخصومة. والآية رد على ما اصطلحوا عليه من أَن لا يقتل الشريف بالوضيع ولا الرجل بالمرأَة، ولما كانوا عليه من أَنه إِذا قتل النضير من قريظة أَدوا إِليهم نصف الدية وإِذا قتل قريظة من النضير أَدوا إِليهم الدية.