خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي ٱلأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ
١١٦
-الأنعام

تيسير التفسير

{ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فى الأَرْضِ } فى مشارق الأَرض ومغاربها وفى مكة، والمراد: أَيهم أَطعت كائنا من كان فى شئ ما من أَمر الدين، والمراد بالأَكثر المشركون، وبمن العموم { يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيل اللهِ } لجهلهم وكفرهم واتباعهم الهوى غير كتابيين أو كتابيين لإِعراضهم عن الحق الذى فى كتبهم حبا للدنيا، والضال لا يؤمر فى الغالب إِلا بما اعتاد من ضلال، والمراد الإِضلال بالشرك وما دونه من المعاصى ولو صغائر فإِنها أَيضا من دين الشيطان فلا تهم كما وهم بعض ولو غفرها الله لمجتنب الكبائر إِذ لم يصر، والخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم شاملا لأُمته، كقوله تعالى " { يا أَيها النبى إِذا طلقتم } " [الطلاق: 1] فشمل الضلال اعتقاد خلق الفاعل من المخلوقات لفعله، واعتقاد الرؤية ولو بلا كيف لأَن مدرك الشئ قد تصوره فقد وقع فى المحذور مدعيه، وإِذا كان اللفظ عاما شاملا لأَهل مكة أَولا وبالذات فما وجه تخصيص الآية بمكة وأَهلها، والآية تحذير له صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين عن متابعة غير ما أَنزل الله وعن الركون إِلى من يتبع غيره، وإِرشاد إِلى التمسك بالقرآن وإِظهار لكمال مباينته لأَقوال المشركين واعتقادهم وأَحوالهم { إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ } ظنهم أَن آباءَهم على الحق فى تحليل الميتة وعبادة الأَصنام ونحوها، وتحريم البحيرة ونحوها، وظنهم أَن آراءَهم الفاسدة فى أَمر الدين صلاح ونحو ذلك مما هو فعل أَو اعتقاد كاتخاذ الولد، تعالى الله، وغير ذلك مما يتعلق بالأُلوهية { وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } يحزرون فى أَمر ديانتهم كخرص النخل فهم يقدرون أَنهم على الحق ظنا وتخمينا غير مطابق للحق، أَو يخرصون يكذبون سمى الكذب خرصا لما يدخل الكذب من التحرير والتقدير، وذلك أَنهم يكذبون، على الله فى عبادة غيره وتحريم البحيرة ونحو ذلك، وحل الميتة "إذ قالوا للنبى صلى الله عليه وسلم: أَخبرنا عن الشاة إِذا ماتت من قتلها؟ قال: الله قتلها، فقالوا: أَنت تزعم أَن ما قتلت أَنت وأَصحابك حلال، وما قتله الكلب والصقر حلال، وما قتله الله حرام، وأَنكم تعبدون الله فما قتله الله أَحق أَن تأَكلوه مما قتلتم" ، وروى أَن جهلاءَ اليهود أَو متجاهليهم قالوا ذلك. وروى أَن المجوس كتبوا إِلى مشركى قريش، وكانوا أَولياءَهم وكان فى قلوب بعض المؤمنين فى ذلك شبهة، فنزلت الآية، ومن شأنه الخرص والظن كيف يطاوع فى أَمر الدين فانه يضل غيره ولا يهديه، وإِذا كان إما أَن يظن ما تقدمه من باطل حقا، وإِما أَن يحزر فهو مخطئ ولو اتفق أَنه وافق حقا، ولذلك ذكر الظن والخرص، ولجواز أَن يكون أَمر واحد ظنا وخرصا.