خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا لَكُمْ أَلاَّ تَأْكُلُواْ مِمَّا ذُكِرَ ٱسْمُ ٱللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا ٱضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ وَإِنَّ كَثِيراً لَّيُضِلُّونَ بِأَهْوَائِهِم بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُعْتَدِينَ
١١٩
-الأنعام

تيسير التفسير

{ وَمَا لَكُمْ } أَيها المسلمون { أَلا تَأْكُلُوا } فى أَن لا تأكلوا متعلق بلكم لنيابته عن ثابت أَو ثبت أَو بهذا المقدر، { مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللهِ عَلَيْهِ } حين ذكاته، والمسلمون والمشركون لا يمتنعون من أكل ما ذكر اسم الله عليه، لكن المراد مالكم لا تقتصرون على الأَكل مما ذكر اسم الله عليه وحده، بأَن لا تأكلوا مما لم يذكر عليه اسمه ولا مما ذكر عليه اسمه واسم غيره، ويجوز أَن يكون ذلك إِنكارا على من أَراد من المسلمين اجتناب اللذات، وعلى الوجهين، وقيد ذلك بحاليته قوله { وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ } بين { مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ } مما أُحل { إِلاَّ ما اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ } فيحل لسده المخمصة فى الآية بعد فى هذه السورة، ولو كان متأَخراً عن هذه الآية لأَن السورة نزلت بمرة فأَولها وأَوسطها وآخرها متقرر، فهى كورقة كتب فيها وقال كاتبها فى أَولها أَو وسطها قد ذكرت فى هذه الورقة مشيراً إِلى ما يأتى فيها، أَو أَراد فصله فى اللوح المحفوظ تفصيلا شملته هذه السورة، أَو فصَّله فى المائدة باعتبار ترتيب السور فى اللوح المحفوظ كترتيبها فى مصاحفنا من كون المائدة قبل الأَنعام فيه ولو تأَخر نزولها عن الأَنعام، ففى المائدة: " { حرمت عليكم الميتة } "[المائدة: 3] وما مصدرية والمصدر ظرف زمان وهاء إِليه عائدة إِلى ما الأُولى، أَى ما حرم عليكم فى جميع الأَوقات إِلا اضطراركم إِليه، والاستثناء تفريغ متصل والتفريغى أَبدا متصل، وإِن جعلنا ما اسما موصولا فالهاء عائدة إِليه والاستثناء تام منقطع لأَن ما اضطر إِليه حلال غير داخل فيما حرم إِلا أَن يعتبر نفس الأَشياء المحرمة فى ذاتها الشاملة لما لم يضطر إِليه فتبقى على التحريم، ولما اضطر إِليه فتخرج إِلى الحل فيكون متصلا { وإِنَّ كَثِيراً } من المشركين { لَيُضِلُّونَ } عن الحق بتحليل الميتة وتحريم البحيرة ونحوها كعمرو بن لحى، وبغير ذلك من تحليل الحرام وتحريم الحلال وزيادة على ضلالهم بالشرك، وغيره، قال الزجاج: المراد بالكثير الذين ناظروا فى الميتة { بِأَهْوَائِهِمْ } بسبب تشهيهم { بِغِيْرِ عِلْمٍ } ثابتين بغير علم بدليل { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِالمعْتَدِينَ } المتجاوزين إِلى مالا يحل شرعا بفعله أَو قوله أَو تشريعه أَو اعتقاده، وذلك عام، أَو أَريد الكثير المذكور فوضع اسم التصريح باعتدائهم ذما لهم مكان ضميرهم.