خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِن يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ
٢٦
-الأنعام

تيسير التفسير

{ وَهُمْ } أَى المشركون { يَنْهَوْنَ } الناس { عَنْهُ } عن القرآن، أَن يؤمنوا به { وَيَنْأَوْنَ } يبعدون أَنفسهم { عَنْهُ } عن القرآن أَو الرسول عن أَن يؤمنوا به، أَو هم ينهون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أَن يضره أَحد، وينأَون يبعدون عن تصديقه، وذلك كأَبى طالب يرد السوءَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يؤمن به، واجتمع إِليه رؤساء قريش، وقالوا له: خذ شاباً من أَصحابنا وجيهاً وادفع إِلينا محمداً، فقال: ما أَنصفتمونى أَدفع إِليكم ولدى لتقتلوه وأربى ولدكم، واجتهد النبى صلى الله عليه وسلم أَن يؤمن وينطق بالشهادتين فيجادل له عند الله فأَبى، واعترف أَنه صلى الله عليه وسلم على الحق ولكن يخاف أَن يسبه قريش، وقال فى مرض موته أَنه يموت على دين الأَشياخ، فمات عليه، وهو دين أَشياخ قريش، وقال: لولا أَن يعيرنى قريش لأَقررت عينك بما تحب من الإِيمان ولكن أَذب عنك ما حييت، وقال:

والله لن يصلوا إِليـــك بجمعهـــم حتى أوسد فى التراب دفينا
فاصدع بأَمرك ما عليك غضاضة وابشر بذاك وقر منه عيوناً
ودعوتنى وزعمت أَنــــك ناصح ولقد صدقت وكنت ثم أَمينا
وعرضت دينا قد علمت بأَنــــه من خير أَديان البرية دينا
لولا الملامة أَو حذار مسبــــــة لوجدتنى سمحاً بذاك مبينا

والوجه الأَول أَولى وهو أَنهم ينهون عن تصديقه غيرهم، ويبعدون عن تصديقه، وأَما الثانى أَنهم ينهون عن ضره ويبعدون أَنفسهم عن تصديقه والإِيمان به فيضعف بأَن فاعل ذلك أَبو طالب ولا يحسن جمعه تعظيماً له لفعل ما لا يستقل به وحده كما قيل به، وقيل هو وتسعة إخوة له كلهم أَعمام النبى صلى الله عليه وسلم كانوا أَشد الناس له نفعاً فى العلانية ذبا على نسبهم، وبأَن ما قبل ذلك من الآيات فى ذم طريقتهم، فليكن هذا كله فى ذمها، لا فى ذمهم بالنأى عن تصديقه ومدحهم بالنهى عن ضره، لكن لا بأس بالذم بالمجموع مشتملا على شئ هو مدح، وبأَن ما بعد ذلك أيضاً فى ذمهم وهو قوله تعالى { وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ } بالنهى عن تصديقه، وبالبعد عنه لأَن وبال ذلك راجع عليهم، ولا يخفى أَن هذا أَولى من أَن يقال: وإن يهلكون إِلا أَنفسهم بالبعد عن تصديقه، ولو لم يهلكوها بالنهى عن ضره، ولو كان وجهاً عبر بلا إِهلاك إِشهاراً بأن مرادهم إِهلاكه بالكلية لا منع الناس عنه فقط ولا مطلق الضر { وَمَا يَشْعُرُونَ } بإِهلاكهم أَنفسهم بذلك، وأَن ضرره يرجع عليهم لا ينالك ضرهم ولا ينال القرآن، وشرح إِهلاكهم أَنفسهم بقوله.