خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَكَيْفَ أَخَافُ مَآ أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِٱللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَٰناً فَأَيُّ ٱلْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِٱلأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
٨١
-الأنعام

تيسير التفسير

{ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ } تعجب وإِنكار أَن يخاف ما أَشركوه بالله عز وجل أَن يضره، وهذا نفى للخوف، وليس متكرراً مع قوله { ولا أَخاف ما تشركون به } لأَن قوله ولا أَخاف نفى للخوف على جهة الإِخبار بما فى نفس الأَمر من أَنه لا خوف عنده من جهة الأَصنام، وقوله: { وكيف أَخاف } نفى للخوف بطريق الاستدلال الإِلزامى أَى يلزم من عدم خوفكم من الإِشراك بالله كما قال { وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ } فى العبادة، ذكر لفظ الجلالة هنا دون ما قبله لأَن المراد هنا تهويل الأَمر، والمشرك به أَدخل فى ذلك، وقيل: لأَنه لو ذكره فيما قبله لكان كالمتكرر ما هنا فاختصر بالحذف، وأَيضاً لم يذكره قبله إِشارة إِلى بعد وحدانيته عن الإِشراك فلا ينبغى ذكره مع لفظ الإِشراك، ولما ذكر حال المشركين الذين لا ينزهونه عند الشرك ذكره { مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً } أَى لا أَخاف من أَصنامكم على أَن الجملة هذه مع صدرها المحذوف حال، أَى كيف أَخافها وأَنتم لا تخافون الله، وقدرت المبتدأ لأَن المضارع المنفى بلا كالمثبت لا يقرن بواو الحال، واختار بعض جواز قرنه بها، وإِن عطفت على أَخاف انسحب عليها التعجب والإِنكار فيكون متعجباً من أَن يليق به خوف الأَصنام ومن لياقة ألا يخافوا من الإِشراك به تعالى، وأَنا أشترط فى العطف اتحاد المسند إليه فى الجملتين وبين الخوفين فرق فإِنه نفى عن نفسه الخوف من ذات الأَصنام، ونفى الخوف من الإِشراك لا من الله، إِذ لو قال: كيف أَخافهم وأَنتم لا تخافون الله لكان معادلا لله بها، فالهاء فى به عائد إِلى ما لم ينزل وهو ما يعبدونه من الأَصنام على حذف مضاف أَى بإِشراكه، وجاز عوده إِلى الإِشراك المقيد بتعلقه بالموصول على قول الأَخفش بجواز الاكتفاء فى الربط برجوع العائد إِلى ملابس صاحبه وسلطانا حجة من وحى فى كتاب أَو بلا كتاب ومن دليل مطلقاً ولو عقلياً مع أَن الدليل الموحى به والعقلى أَن لا يعبد مع غير الله لأَنه وحده الخالق القادر الضار النافع فلا يشرك معه غيره { فَأَىُّ الْفَرِيقَيْنِ } المؤمنين والمشركين { أَحَقُّ } أَى حقيقاً، فهو خارج عن التفضيل ويجوز إِبقاؤه عليه كأَنه لهم حقية ما تنزيلا لهم عن شدة المكابرة { بالأَمْنِ } فى الآخرة من عذاب الآخرة، المؤمنون لإِيمانهم أَم المشركون لإِشراكهم، قيل: لم يقل أَينا أَنا أَم أَنتم لأَنه فى صورة تزيكة النفس، وقيل لتأكيد إِلجاء إِلى الجواب بالتنبيه على علة الحكم والعدول عن خطابهم فى ذلك فإِنه يؤدى إِلى اللجاج، وإِنما قدرت على هذا أَنا وبعض نحن لأَن إِبراهيم مؤمن وحده، ولو فرض تقدير نحن فكان المراد نوع من يؤمن ولو لم يوجد منه فى ذلك الوقت إِلا هو وأَى الفريقين صيغة إِنصاف، وهى أَدعى للقبول، وأَما "وإِنا أَو إِياكم" فلنكتة { إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } أَى تعرفون ما يحق أَن يخاف أَو تعرفون من هو أَحق بالأَمن منه، أَو إِن كنتم من ذوى العلم فلا مفعول له على هذا، والجواب محذوف أَى فأَخبرونى أَو فاتبعونى، أَو أَغنى عن جوابه قوله{ أَى الفريقين }بحسب المراد لأَن المعنى إِنكار كون فريق الإِشراك أَحق بالأَمن، وأَنت خبير أَن أَحق خارج عن التفضيل، وليس المراد أَينا أَحق من الآخر لأَنه لا شىءَ من الأَمن للمشرك إِلا أَن تنزل معهم إِبراهيم فى لين الخطاب جلبا لهم فإِنه قال إِن كان لكل منى ومنكم أَمن فأَينا يزيد أَمنه.