خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَهُوَ ٱلَّذِي جَعَلَ لَكُمُ ٱلنُّجُومَ لِتَهْتَدُواْ بِهَا فِي ظُلُمَٰتِ ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا ٱلآيَٰتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ
٩٧
-الأنعام

تيسير التفسير

{ وَهُوَ الَّذِى جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ } خلقها لكم، أَو صيرها ثابتة لكم، وهذه اللام للنفع بخلاف اللام فى قوله { لِتَهْتَدُوا بِهَا فِى ظُلُمَاتِ الْبَرِّ والْبَحْرِ } فإِنها للتعليل فجاز تعليقهما بعامل واحد بلا تبعية لاختلاف معناهما فلا حاجة إِلى جعل لتهتدوا بدلا من لكم بدل اشتمال توصلا إِلى جواز ذلك بالتبعية، وأَيضا هذه التبعية لا تجوز، كيف يجوز إِبدال ما هو للتعليل مما هو للنفع إِلا إِن جعلنا الثانية للنفع كالأُولى أَو الأُولى للتعليل كالثانية فيجوز الإِبدال. ويجوز أَن يكون لتهتدوا مفعولا ثانيا بعد مفعول ثان، أَو مفعولا ثانيا فيعلق لكم بجعل، والمراد ظلمات البر والبحر ليلا فى السفر وما يلتحق به مما فيه خفاء، وأَضاف الظلمات إِلى البر والبحر لأَنهما محلها فهى إِضافة حال لمحل، والأَصل إِضافتها لليل، أَو المراد بالظلمات مشتبهات الطرق على الاستعارة التصريحية لجامع خوف المضرة وعدم الأَمن وعدم الوصول إِلى البغية، وقوله لتهتدوا تخصيص بعد التعميم بقوله لكم فإِن قوله لكم يعم تزيين السماء بها وجعلها رجوما للشياطين، وحديث الربيع والبخارى ومسلم: "أَصبح من عبادى مؤمن وكافر" محمول على ما إِذا قال إِن طلوع نجم كذا أَو سقوطه هو الممطر، وأَما من قال: يمطرنا الله تعالى عند ذلك وأَن ذلك علامة فلا يكفر، ولكن يجتنب لفظ الكفر وما يوهمه، مثل أَن يقول مطرنا بنوء كذا، بل يقول: أَمطرنا الله تعالى، وكذلك يجوز أَن يستدل باقتران الكواكب وافتراقها على وقوع أَو انتفاء كالأمطار والرياح والثلوج والرخص والغلاء، يجوز أَن يقال: ذلك علامة كذا والفاعل هو الله سبحانه وتعالى، واختلفوا هل لتلك الأشياء تأثير لكن بالله مثل تأثير الماء فى النبات، وقيل: لا تأثير لها بل عندها من الله تعالى وهو الصحيح والأحوط، وهو مذهبنا ومشهور الأَشاعرة، وقال سلفهم بالأَول { قَدْ فَصَّلْنَا الآيَاتِ } من المتلوة والتكوينية، بيناها شيئا فشيئا ليستدل بها على قدرتنا، أَو بيانا بعد بيان فى معنى واحد لأَن العلمين خبر من علم واحد { لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } لأَى قوم أَرادوا العلم، أَى التدبر، أَو أَراد خصوص من يتدبر لأَنه المنتفع بها كقوله تعالى" { هدى للمتقين } "[البقرة: 2].