خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

تِلْكَ ٱلْقُرَىٰ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَآءَتْهُمْ رُسُلُهُم بِٱلْبَيِّنَٰتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَٰلِكَ يَطْبَعُ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِ ٱلْكَٰفِرِينَ
١٠١
-الأعراف

تيسير التفسير

{ تِلْكَ القُرَى } أَى قرى الأَهل المذكورين فى قوله من بعد أَهلها، أَو القرى المعهودة، أَى قرى الأمم المذكورين، قوم نوح وقوم هود وقوم صالح وقوم لوط، والقرى تابع لتلك والخبر قوله { نَقُصُّ عَلَيْكَ } يا محمد { مِنْ أَنْبَائِهَا } أَو القرى خبر أَفاد الحال، وهى نقص، فإِن كونها قرى لا يجهل، كما تقول هذا زيد عالماً لمن علم زيدا وجهل أَنه عالم، أَو ذلك خبر إِن أَفاد أَولهما بثانيهما كما تقول لمن علم زيداً هذا زيد عالم، تفيده أَنه عالم، وإِن جعلنا أل فى القرى للكمال فقد أَفاد سواء جعلنا نقص حالا أَو خبراً، وجعلنا القرى تابعاً أَو خبراً، والمراد بأَنبائها أَخبار أَهلها، ولم يذكر أَهلها لأَن إِهلاكها لأَهلها وزيادة فهو أَقطع، وحكمة القص لأَحوالهم مع الاستئصال دفعة أَهول للكفرة، وفيه تسلية رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحذير قومه من أَن ينزل عليهم مثل ما نزل على من قبلهم، ونقص بمعنى قصصنا أَو سنقص فى السور الأخر ما لم نقص هنا. { وَلَقَدْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ } المعجزات الواضحة الدالة على صحة رسالتهم قسمة الآحاد على الآحاد لا توجب التسوية، فإِن لبعض الرسل آيات متعددة، ولبعض الرسل أَكثر من بعض، تقول: باع القوم دوابهم، ولبعض دابة ولبعض اثنتان ولبعض أَكثر { فَمَا كَانُوا } بعد مجئ رسلهم { لِيُؤْمِنُوا بِمَا كَذَّبُوا } من التوحيد ولوازمه الشرعية مما يجب فعله أَو تركه والبعث والحساب والثواب والعقاب { مِنْ قَبْلُ } قبل مجئ رسلهم بعين ما كذبوا به ونحوه قبل المجئ، وقد كانوا يسمعون من بقايا من قبلهم قبل مجئ رسلهم، ولم يجعل فى الآية الحد لانتفاء إِيمانهم فإِيمانهم منتف إِلى موتهم، فما آمنوا قط، ولن يؤمنوا إِلى الموت، أَو فما كانوا ليؤمنوا فى بقية أَعمارهم بما كذبوا به قبل هذه البقية وبعد مجئ الرسل، ففى هذا الوجه لم يذكر عدم إِيمانهم قبل مجئ الرسل إِلا بالمقام، وبقوله "تلك القرى" إِلخ، وأَما قوله "فما كانوا ليؤمنوا" فلا يلزم منه انتفاء الإِيمان قبل، أَلا ترى أَن اليهود آمنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم ولما جاءَ كفروا به، الرابط محذوف لظهور المعنى، وقد جر الموصول بما جر به ولكن لم يتحد المتعلق وتقديره: بما كذبوا به، ويجوز تقديره منصوبا أَى بما كذبوه، أَى بما أَنكروه، ويجوز أَن تكون ما مصدرية بسبب تكذيبهم بما سمعوا به قبل مجئ الرسل، ويجوز أَن يكون المكذب به واحد كقوله تعالى: " { ولو ردوا لعادوا } " [الأَنعام: 28] وذلك جميع الشرائع، وقيل: ضمير كذبوا لأَسلافهم، وفيه تفكيك الضمائر بلا قرينة معينة { كَذَلِكَ } الطبع المذكور على قلوب أَهل القرى { يَطْبَعُ اللهُ عَلَى قُلُوبِ الْكَافِرِينَ } الجائين بعدهم، أَو يطبع على من مضى وغيرهم لكفرهم، فالكافرون الجنس، أَو الكافرون المعهودون فى زمانه صلى الله عليه وسلم، فاللفظ للعهد، وأَظهر مقام الإِضمار للإِيذان بعلية الكفر.