خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱذْكُر رَّبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ ٱلْجَهْرِ مِنَ ٱلْقَوْلِ بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ وَلاَ تَكُنْ مِّنَ ٱلْغَافِلِينَ
٢٠٥
-الأعراف

تيسير التفسير

{ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِى نَفْسِكَ } أَى سر بقراءَة القرآن أَو الدعاءِ والتسبيح والتهليل وغير ذلك لأَن السر أَدخل فى الإِخلاص، وأَقرب إِلى التفكر فى الصلاة وغيرها، وعمل السر من النفل يزيد على الجهر بسبعين، لكن لا بد من تحريك اللسان فى صلاة السر وإِسماع الأُذن فى صلاة الجهر عند أَبى هريرة، ومن إِسماع الأُذن فى صلاة السر والغير فى صلاة الجهر عند غيره، واختار بعض العلماءِ فى قراءَة القرآن فى غير الصلاة إِسماع الأُذن لأَن فيه القراءَة والسماع لها ولا بد من إِسماع الإِمام المأمومين فى صلاة الجهر طاقته بلا تكلف، وقيل: الذكر فى النفس إِحضار المعنى، وفى الحديث القدسى: "من ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى، ومن ذكرنى فى ملأ ذكرته فى ملأ خير من ملئه" . وقيل: الخطاب فى اذكر لمستمع القرآن، وعنه صلى الله عليه وسلم: "خير الذكر الخفى" { تَضَرُّعًا } تذللا لله عز وجل { وَخِيفَةً } نوع من الخوف عظيم يعالجه الإِنسان من نفسه، قلبت الواو ياءَ للكسر قبلها، والمعنى للتضرع والخيفة، أَو ذوى تضرع وخيفة، أَو متضرعين وخائفين، ذلك الخوف خوف العقاب وخوف إِجلال وخوف الخاتمة وخوف السابقة { وَدُونَ الْجَهْرِ } عطف على فى نفسك، والظرف يعطف بالنصب على المجرور بحرف اكتفاء بمعنى فى كقوله: ومن آناءِ الليل فسبح وأَطراف النهار بنصب أَطراف، أَو يقدر وذكرا دون الجهر، أَى واذكره ذكرا فوق السر ودون الجهر. وعن ابن عباس: هو أَن يسمع نفسه. وقدر بعض: ومتكلما كلاماً ثابتا دون الجهر وفوق السر، فيعطف متكلما على تضرعا أَو خيفة، بمعنى تضرعا وخائفا. { مِنَ الْقَوْلِ } أَى بالقول متعلق بالجهر، قيل: أَو تبقى من على حالها، وتعلق بمحذوف حال من دون و المراد التوسط فيسر تارة ويتوسط أُخرى { بِالْغُدُوِّ } أَول النهار مصدر ناب عن الزمان أَو جمع غدوة بضم فإِسكان من طلوع الفجر إِلى طلوع الشمس وهو متعلق باذكر { وَالآصَالِ } أَواخره من العصر إِلى المغرب، والمفرد أَصيل كيمين وأَيمان، أَو جمع أَصل كعنق والمراد تعميم الأَوقات، وأَشار إِليه بذكر الطرفين، وخصهما ليبتدئَ يقظته بالذكر ولو تقدم من السحر ويختمها به ول تطاول، ولصعود الأَعمال أَول النهار وآخره، ولأَنه لا صلاة بعد صلاتى الفجر والعصر فيشتغل بالذكر ولا يبقى فارغا، أَو لتغير العالم فيهما بالنور والظلمة تغيرا عجيبا، وقيل لأَنهما وقت اجتماع ملائكة الليل والنهار بالتعاقب { وَلاَ تَكُن مِّنَ الْغَافِلِينَ } عن ذكر الله جل جلاله.