خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَتَبْغُونَهَا عِوَجاً وَٱذْكُرُوۤاْ إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً فَكَثَّرَكُمْ وَٱنْظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ ٱلْمُفْسِدِينَ
٨٦
-الأعراف

تيسير التفسير

{ وَلاَ تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ } فى طريق من طرق الأَرض. وكانوا يعقدون فى كل طريق أَمكنهم، والمراد عموم السلب. (تُوعِدُونَ) حال، أَى تخوفون الناس بأَخذ متاعهم وثيابهم والمكس منهم، وكل ما أَمكنهم من السوءِ، كما دل عليه خلاف المعمول للعموم، فهذا أَولى من أَن ينازع تصد فى من آمن على إِعمال تصدون من قوله { وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللهِ مَنْ آمَنَ بِهِ } أَى من آمن بالله أَو بسبيل الله تطالبونه بالارتداد، وتصدون من أَراد الإِيمان وتقولون إِن لم ترتد عن الإِيمان به، أَو إِن آمنت قتلناك { وَتَبْغُونَهَا } أَى الصراط المعنوية التى هى الديانة، والمذكور قيل هى الصراط المحسة، فذلك استخدام، وإِن رجعنا الضمير لسبيل بحسب الظاهر ففيه استخدام أَيضا، لأَن السبيل المذكورة سبيل الله وها لغيرها، إِلا أَن يقال: تبغون مضمن معنى تجعلون، أَى تجعلون سبيل الله { عِوَجًا } ذات عوج، أَو معوجة، أَى تنسبونها بالعوج، وتصفون للناس أَنها عوج، أَو تجعلون بدلها عوجاً، ومن عوجهم أَنهم يأخذون دراهم من دخل بلادهم غريبا ويقولون أَنها زيوف، فيقطعونها فيأخذونها بنقصان، أَو أَعطوه بها زيوفا، ويجوز أَن يراد بكل صراط طرق عين الحق، وعليه فسبيل الله ظاهر موضع المضمر، وأَن كل مسأَلة منه طريق للحق، فهم مجتهدون فى المنع عن دين الله كل اجتهاد، كلما علموا بجرى أَحد على مسأَلة من مسائل دين الله منعوه عنها، وكلما رأَوا أَحدا يريد الإِيمان بشعيب منعوه وخوفوه بالقتل أَو غيره، وقالوا: احذر أَن يفتنك عن دينك، فإِنه أَفضل من دينه، ولا ضعف فى ذلك كما توهم بعض أَن المتعارف اكتفاؤهم بمنعهم عن الإِيمان، وذلك عن طريق التمثيل، كقوله تعالى " { لأقعدن لهم صراطك المستقيم } " [الأَعراف: 16] { وَاذْكُرُوا إِذْ كُنْتُمْ قَلِيلاً } اذكروا ذلك الوقت لتتذكروا الواقع فيه من القلة المعقبة بالكثرة، أَو اذكروا الواقع إِذ كنتم قليلا فى عددكم وعدتكم { فَكَثَّرَكُمْ } فيها، إِلا أَن ظاهر الخطاب لا يلائم ذكر العدة، أَى الأَسلحة والخيل كل الملاءَمة، والاقتصار على العدد أَولى فى التفسير، فإِن ذكر تكثير العدد فى مقام الامتنان يشعر بأَنه كثر بحال من قوة البدن والمال وما يحتاج إِليه، ويروى أَن مدين تزوج بنت لوط فرمى الله البركة فى نسلها، وقيل: قليلا فى المال كثيرين فيه، أَى موسرين، وقيل: قليلا أَذلة فكثركم بالعدد والعدة { وَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ المُفْسِدِينَ } قبلكم، ولا سيما من قرب منكم كقوم لوط إِذ رجموا بالحجارة، وقلوا أَرضا وبدنا ومالا بتكذيبهم لرسولهم، لم لا تخافون أَن تهلكوا مثلهم بتكذيبكم لرسولكم.