خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ فَأُوْلَـۤئِكَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُم بِمَا كَانُواْ بِآيَاتِنَا يِظْلِمُونَ
٩
-الأعراف

تيسير التفسير

{ وَمَنْ خَفَّت مَوَازِينهُ } أَى موزوناته أَى أَعماله الصالحات لقلتها وقد ترك بعض الواجبات أَو للإِصرار على سيئة ولو كثرت صالحاته وجودت، ويجوز جعل موازين فى الموضعين جمع ميزان الكفات والعمد تمثيلا لا حقيقة، مثل لكل واحد ميزانا أَو جمعها باعتبار الموزونات أَو باعتبار عمل الجسد وعمل اللسان وعمل القلب كل ذلك مجاز لا حقيقة { فَأُولَٰئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ } لم ينتفعوا بأَنفسهم وأَسلموها إِلى النار بتضييع الإِسلام الذى قرن بهم في خلقتهم وإِبداله بالكفر، وقال قومنا وأَهل عمان من أَصحابنا رحمهم الله: الثقل والخفة بكثرة الحسنات وقلتها وإِن تساوت الحسنات والسيئات فمن أَصحاب الأَعراف، ثم إِن كثرت وعليه تباعات للخلق أَخذوا منها بقدر حقوقهم فإِن فنيت ولا سيئة له فى حق الله أَو بقى ما يقابل سيئاته في حق الله جل وعلا فمن أَصحاب الأَعراف، وإِن زادت تباعات الخلق فقيل يأْخذ من ذنوبهم فيعذب على قدرها وعلى سيئاته، روى ذلك في حديث وضعفه جمهورنا " { ولا تزر وازرة وزر أُخرى } " [فاطر: 18] وأَساغه الشيخ يوسف بن إِبراهيمرحمه الله ، ويبعث الناس ثلاث فرق: أَغنياء بالصالحات وفقراء منها وأَغنياء بها ثم يصيرون مفالس بسبب التباعات، قال سفيان الثورى: لأَن تلقى الله بسبعين ذنبا فيما بينك وبين الله أَهون عليك من أَن تلقاه بذنب واحد فيما بينك وبين العباد، أَى لأَن الله غنى كريم، وابن آدم محتاج في ذلك إِلى حسنة يدفع بها سيئة لينجو من النار. قال بعض: توزن أَعمال المشرك التى لا توقف لها على الإِسلام، وذكر القرطبي أَن الصحيح لا يخفف بها عذابهم كما ورد في حق أَبى طالب، وكما ورد في حق أَبى لهب إِذ أَعتق مبشرته بولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يشقى في مثل نقرة الأَبهم، إِلا أَن ذلك من رواية قومنا ولا يصح عندنا فإِن الكفارة تحبط أَعمالهم، وقد جوزوا أَنها في الدنيا مثل إِحياء بعض العرب كل موءَودة قدر عليها، وقد قال الله عز وجل " { فلا نقيم لهم يوم القيامة وزناً } " [الكهف: 105] فلو صحت قصة أَبى طالب وقصة أَبى لهب لكان ذلك مخصوصا بهما { بِمَا كَانُوا } بكونهم متعلق بخسروا { بِآيَاتِنَا } متعلق بقوله { يَظْلِمُونَ } قدم الفاصلية وعدى بالباء لتضمنه معنى التكذيب كقوله تعالى " { كذبوا بآياتنا } " [القمر: 42] قيل أَو معنى الجحد كقوله تعالى " { وَجَحَدُواْ بِهَا } " [النمل: 14].