خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ شَرَّ ٱلدَّوَابِّ عِندَ ٱللَّهِ ٱلصُّمُّ ٱلْبُكْمُ ٱلَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ
٢٢
وَلَوْ عَلِمَ ٱللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ
٢٣
-الأنفال

تيسير التفسير

{ إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ } ما يدب على الأَرض من عاقل وغيره، أَو المراد العقلاءِ ولو كان فواعل لأَن المفرد بالتاءِ وهو دابة { عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ } القوم الذين لا يقبلون الحق كأَنهم لا يسمعون بآذانهم { البُكْمُ } الذين لا ينطقون بالحق قبولا بها ولا إِعانة ولا عملا بها كأَنهم لا ينطقون، بعدوا عن الحق بعد من لا تسمع أُذنه ولا ينطق لسانه { الَّذِينَ لاَ يَعْقِلُونَ } لا يستعملون عقولهم، ولم يساووا الدواب، بل كانوا أَخسر لأَنهم ضيعوا ما به التمييز، وقدْ مَنَّ الله تعالى عليهم به ليستعملوه، والأَبكم الأَخرس قد يعمل بعقله، وهم كأَنهم لا عقل لهم، وهم، أَو منهم نفر من بنى عبد الدار بن قصى، يقولون: نحن صم بكم عمى عما جاءَ به محمد - صلى الله عليه وسلم - قتلوا جميعا يوم بدر، وكانوا أَصحاب اللواء، ولم يسلم منهم إِلا رجلان: مصعب بن عمير وسويبط بن حرملة. وقيل: هم المنافقون، وقيل: أَهل الكتاب، وقيل: من ذكر كلهم وغيرهم:
{ وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْرًا } صلوحا بسماع التفهم والقبول { لأَسْمَعَهُمْ } سماع التفهم والقبول والانقياد إِلى السعادة. هذه قضية شرطية متصلة، وتمامها بالقياس الاستثنائى أَن يرفع التالى وهو جواب لو. أَى ينفى فينتفى المقدم وهو شرطها، هكذا، لكنه لم يسمعهم فتعلمون أَن الله لم يعلم فيهم خيرا أَو صلوحا للتفهم والقبول والانقياد إِلى السعادة حتى أَنه لو أَسمعهم والحال هذه لكان إِجبارا ولا وجه للإِجبار فى التكليف، وهنا تم الكلام، وبدأَ آخر بقوله { وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ } سماع تفهم وقبول دون سعادة { لَتَوَلَّوْا } بعده عنادا { وَهُمْ مُعْرِضُونَ } عنه ولم يدوموا عليه. لعدم صلوحهم ولسوءِ الخاتمة، فلو فى الموضعين امتناعية بدليل اللام فى الجواب، وليست لو الامتناعية منتفية الجواب لانتفاءِ الشرط، بل هذا غالب، فلو الثانية من غير الغالب، فإِن التولى عند عدم السماع أَولى، وهذا التالى مطلق عدم قصد الحق، ومن ذلك
" { ولو سمعوا ما استجابوا لكم } " [فاطر: 14] فإِن عدم الاستجابة عند عدم السماع أَولى، " { قل لو أَنتم تملكون خزائن رحمة ربى إِذًا لأَمسكتم } " [الإِسراء: 100] إِلخ.. فإِن الإِمساك عند عدم ذلك أَولى، ويصح أَن يقال: المعنى.. لو علم الله فيهم سعادة لأَسمعهم سماع تفهم، لكن لم يعلم فيهم فلم يسمعهم، وتم الكلام هنا واستأنف قضية أُخرى شرطية، بمعنى ولو أَسمعهم سماع تفهم وقد علم أَن لا خير فيهم لتولوا عن التصديق بعد أَن صدقوا، وليست كبرى للأُولى، ثم إِن المراد من نفى العلم نفى المعلوم، وادعى بعض أَن المعنى لأَسمعهم كلام قصى أَن محمدا رسول الله، ولو أَسمعهم هذا لم يقبلوه.