خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ ٱلْبَيْتِ إِلاَّ مُكَآءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ
٣٥
-الأنفال

تيسير التفسير

{ وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ } دعاؤهم عند البيت هو المسجد الحرام. ذكره باسم البيت لزيادة تقبيح معصيتهم عند بيته تعالى أَو طوافهم وكانوا يطوفون عراة رجالا ونساء، ومصفرون فى أَصابعهم مشبكة، أَو صلاة شرعية فى زعمهم وليست صلاة لشركهم واختلال شروطها وأَركانها، أَو شئ يضعونه موضع الصلاة وليس صلاة شرعية ولا لغوية أَى لا شئَ مما يعدونه صلاة وعبادة. وأَولى من هذا أَن يكون المعنى لا عبادة لهم أَلبتة عند البيت إِلا ما ذكره بقوله { إِلاَّ مُكاءً وتَصْدِيَةً } المكاء التصفير أَو البكاء أَو الصراخ، قال الأَصمعى: قلت لواحد من أَهل اللغة: ما المكاء؟ فشبك بين أَصابعه ثم وضعها على فيه ونفخ، فيظهر من ذلك صوت، والتصدية صوت التصفيق بإِحدى اليدين على الأُخرى مصدر صدى بالشد بمعنى صفق، أَو المراد نفس التصفيق باليد على الأَخرى وأَصله من الصدى وهو الصوت الذى يرجع من الهواء الصلب أَو مصدر صدد بالشد قلبت الدال الثالثة أَلفاً كتقضى فى تقضض البازى فهى هذه الياء، وأَما الدال الثانية فعوض عن الياء التى تقلب إِليها آخر الكلمة وهو الصياح والصراخ أَو التصديد كذلك وهو منع الناس عن الدين والمسجد الحرام، وكان المشركون يصفقون ويصفرون ويصيحون ويصرخون ليخلطوا عليه صلى الله عليه وسلم قراءَته ويشغلوا المستمع، وذلك طبق قولهم " { لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه } " [فصلت: 26] وكان إِذا صلى فى المسجد الحرام قام من بنى عبد الدار رجلان عن يمينه يصفران وآخران عن يساره يصفقان فقتلوا ببدر، والاستثناء منقطع، ويجوز أَن يكون متصلا باعتبار أَن ذلك صلاة أَيضاً، { فَذُوقُوا الْعَذابَ } بالقتل والأَسر فى بدر على أَن هذا نزل قبل بدر وإِن نزل بعد بدر فعلى طريق حكاية ما قيل لهم بالمعنى حال قتال بدر والمعطوف عليه محذوف مع قول بعد الفاء، أَى فعلوا لذلك فقيل لهم ذوقوا العذاب، وأَل للعهد فى قوله ائتنا بعذاب أَليم أَنجز لهم فى بدر، وإِذا قيل عذاب الآخرة فالتقدير فيقال لهم بذلك فى الآخرة: ذوقوا العذاب، وهو عهد خارجى وإِن أَريد به القتل والأَسر ببدر هكذا كان العهد ذهنيا، وقيل خارجياً، وإِن أَريد عذاب الآخرة فالعهد جنسى والفاء للسببية أَى ذوقوا بسبب مكائكم وتصديتكم { بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ } اعتقادا وقولا وفعلا، الباءَ سببية، ولا يتدافع السببيان لأَن الثانية منسحبة على مجموع ما قبله، أَى إِنما كان مكاؤهم وتصديتهم سبباً للعذاب لأَنهما كفر.