خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ
٣٦
-الأنفال

تيسير التفسير

{ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا } المراد أَبو جهل وعتبة وشيبة ابنا ربيعة، ومنبه ونبيه ابنا الحجاج، وأَبو البخترى والنضر وحكيم بن حزام، وأَبو زمعة والحارث وأَبو سفيان، والمراد بالآية العموم. ولو نزلت الآية فى هؤلاء المخصوصين يطعم كل واحد كل يوم عشرة أَبعرة حين خرجوا إِلى بدر، وكانت وقعة بدر قبل تمام عددهم عند نوبة العباس رضى الله عنه فلم ينفق شيئاً، وهم ثلاثة عشر رجلا، وشهر اثنا عشر، وقيل: أَنفق العباس أَربعين أَوقية، والأُوقية يومئذ أَربعون مثقالا من الذهب، وصح إِطلاق الآية على نحو العباس لأَنه صدق عليه أَنه أَنفق وأَنه مغلوب وأَنه تحسر، وذلك كله فى الدنيا، وأَما خصوص المصرين ففى قوله "والذين كفروا إِلى جهنم يحشرون" { يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ } تلك الإِبل وغيرها فى عداوة رسول الله وإِبطال دين الله كما قال { لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ } وقد قيل نزلت فى ذلك وفى إِنفاق أَبى سفيان حين استأجر ليوم أَحد بعد بدر أَلفين من سائر الناس الحاضرين حول مكة سوى من كان من جيش مكة ويسمون الأَحابيش لحضورهم حول مكة، وليسوا من جيشها وأَنفق عليهم أَربعين أوقية، وفى إِنفاق أَصحاب العير الآتين من التجر بالشام، قالوا: أَنفقوا هذا المال لعلنا نأخذ ثأْرنا من محمد وأَصحابه إِذ قتلونا فى بدر فجمعوها لقتال أحد { فَسَيُنْفِقونَهَا } تفصيل وبيان لثمرة إِنفاقهم وعاقبتها، والفاء لذلك لا للترتيب والاتصال وإِن قلنا: نزل هذا قبل بدر فظاهر، أَو بعدها فتنزيل للماضى منزلة المستقبل ليشاهد إِذا حضر أَو الإِنفاق الأَول فى بدر ذكر قبلها، وإِن ذكر بعدها فللتنزيل المذكور والثانى للإِنفاق ليوم أحد، ويجوز حمل الأَول على الإِرادة أَى إِن الذين كفروا يريدون إِنفاق أَموالهم فسينفقونها، أَو الأَول إِنفاق بعضها والثانى إِنفاقها بتمامها، ويبعد أَن يكون المعنى فسيعلمون عاقبة إِنفاقها من الخيبة مما قصدوا بإِنفاقها، وكرر الإِنفاق لزيادة تقبيح صنيعهم. وخبر إِن هو قوله: ينفقونها، كما رأَيت، أَو هو حال من واو كفروا، أَو خبر إِن سينفقونها قرن بالفاء للعموم فيدخل فيهم الثلاثة عشر بالأَولى { ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً } ندماً وغماً فى الدنيا كالآخرة لأَنهم أَنفقوها ليغلبوا المسلمين، وغلبهم المسلمون. ووجه كونها حسرة فى بدر فحسب الدنيا ظاهر، وأَما فى أحد فلعدم نجاتهم من فتح مكة عليهم، وضمير تكون لأَموال على حذف، أَى يكون إِنفاقها وليس الأَموال ولا إِنفاقها نفس الحسرة ولكن سببها فأَخبر عنها باسم مسببها مبالغة كأَنها نفس الحسرة { ثُمَّ يُغْلَبُونَ } يغلبهم المسلمون فى الدنيا بالقتال أَما فى الآخرة ففى قوله { ثُمَّ يُغْلَبُونَ } يغلبهم المسلمون فى الدنيا بالقتال أَما فى الآخرة ففى قوله { وَالَّذِينَ كفَرُوا } أَصروا على الكفر { إِلَى جَهنَّمَ يُحْشَرُونَ } يجمعون.