خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ
١
-التوبة

تيسير التفسير

{ بَرَاءَةٌ مِّنَ اللهِ } بفتح النون لا بكسرها تحقيقا لكسرة مدخولها على أَل، وقرأَ أَهل نجد بكسرها مع أَل أَيضا. وهو ضعيف لاجتماع الكسرتين مع كثرتها، وأَما مع ساكن غير أَل فالراجح الأَفصح الكسر نحو من ابنك. وشق له من اسمه ليجله. والفتح ضعيفا، قاله الجاربردى { وَرَسُولِهِ } من عهد المشركين، متعلق ببراءَة. وأَما من فى الآية فمتعلق بمحذوف نعت، وبراءَة خبر لمحذوف، أَى هذه براءَة، أَى تخلص وانقطاع عن العهد، ومن الله نعت، وقوله { إِلَى الَّذِينَ عَاهَدّتُمْ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ } متعلق ببراءَة.. أَو هو خبر، أَو يقدر خاصا أَى واصلة، وبراءَة مبتدأ والأُولى أَولى لأَنه أَفاد أَن هذه براءَة بخلاف الثانى، فإِن المخاطبين لا عهد لهم ببراءَة صادرة من الله يخبرهم الله بأَنها قد وصلتهم، قال السعد: يجب علم المخاطب بالنسبة التقييدية أَى كالنعت مثلا، اللهم إِلا أَن يدعى أَنهم علموا بها أَو نزلوا منزلة العالم، وكلاهما بعيد، نعم لا مانع من التوسع فيها ولو بلا علم من المخاطب. والمعاهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونسبت إِلى الصحابة معه لرضاهم بها واتفاقهم، ونسبت البراءَة من العهد إِلى الله ورسوله، ولم تنسب إِليهم مع أَنهم عاقدون له، والناقض هو الذى يعهد لأَن عقده بإِذن الله ورسوله فتبرأَ الله ورسوله منه بالنقض، ولأَن العهد مباح بخلاف البراءَة فإِنها واجبة فنسبت للشارع سبحانه، وذكر بعض أَن نسبة العهد إِلى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فى مقام نسب فيه النبذ من المشركين لا يحسن أَدبا كما قال صلى الله عليه وسلم لأُمراءِ السرايا: "إِذا نزلتم على حصن فطلبوا النزول على حكم الله أَو على ذمة الله عز وجل فأَنزلوهم على حكمكم وذمتكم فإِنكم لا تدرون أَصادفتم حكم الله فيهم أَم لا، ولأَن تخفر ذمتكم خير من أَن تخفر ذمة الله" . فانظر كيف أَدبهم. فتوقير عهد الله تعالى وقد نكثه المشركون أَحرى بأَلاَّ ينسب العهد المنكوث إِلى الله فينسب العهد إِلى المسلمين لا إِليه، وقيل: نسب العهد إِلى المسلمين لعلمه تعالى أَنه ينكث، وقيل ذكر الله للتمهيد كقوله تعالى: " { لا تقدموا بين يدى الله ورسوله } " [الحجرات: 1] وناسبه أَنه لم تعد منْ كما أَعيد عند فى قوله تعالى { { كيف يكون للمشركين } [التوبة: 7] إِلخ. وقوله عز وجل "براءَة من الله" إِلخ. خبر لفظا أَمر معنى. نقض الكفرة العهد إِلا بنى ضمرة وبنى كنانة فوقهم نسبا، فأَمر الله بنبذ العهد إِلى الناكثين، وأَمهل غيرهم أَربعة أَشهر، بسبب نقضهم له. وأَرجأَت المنافقين حين خرج صلى الله عليه وسلم إِلى تبوك، وإِنما يسوغ له صلى الله عليه وسلم لخيانة ظهرت منهم " { فإِما تخافن من قوم } "[الأَنفال: 57] إِلخ.. أَو لتغييى العهد بنقض الله أَو بتمام مدة جعلت له.