خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِندَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ فَمَا ٱسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَٱسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَّقِينَ
٧
-التوبة

تيسير التفسير

{ كَيْفَ يَكُونُ للمُشْرِكِينَ } الناكثين { عَهْدٌ عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ رَسُولِهِ } والاستفهام إِنكارى بمعنى النفى، ولو كان حقيقيا لم تكن لفظة إِلا بعده، ولا يكون الاستفهام الحقيقى إِلا ممن جهل والله بكل شئٍ عليم، والمعنى: لا يثبت لهم عهد عند الله ورسوله دون أَن ينقضوه، بل لا بد من أَن ينقضوه لوغر صدورهم، فالعهد فعل لهم أَو لاى يثبت الله لهم عهده وقد نقضوه فالعهد فعل الله ورسوله { إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الحرَامِ } الاستثناء إِما منقطع أَى لكن الذين عاهدتم حكمهم ليس كذلك، وقد علمت أَنه لا يلزم فى المستثنى المنقطع أَن يكون مبتدأ أَو منصوبا على الاشتغال، وجاز أَن يكون مبتدأ خبره ما استقاموا لكم إِلخ.. أَو منصوب على الاشتغال استقيموا مع أَنه كجواب شرط، أَو أَنه جوابه، وما لا يعمل فيما قبله لا يفسر عاملا فيه، والتحقيق الجواز لأَنه مجرد حذف لدليل لمنقطع هو منصوب، وإِما متصل بدل من المشركين مجرور ويجوز النصب والمراد بالمسجد الحرام قربه، أَو سمى الحرم مسجدا لأَن المعاهدة فى الحديبية وهى قريبة من الحرم ومن المسجد والمعاهدون عند المسجد الحرام قبائل بنى بكر وهم خزيمة وبنو مدلج من ضميرة، وبنو دؤل وهو بنو ضميرة، والآية نزلت بعد نقض قريش العهد، وذلك قبل فتح مكة لا قبل النقض، لقوله تعالى { فَمَا اسْتَقَامُوا لكُمْ } أَى أَقاموا على العهد لكم { فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ } إِذ لا يقال لاستقامة مضت فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم، فإِنما المعاهدون عند المسجد الحرام هم المذكورون فى قوله تعالى " { إِلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئاً } " [التوبة: 4] وذلك أَن هذه الآيات نزلت فى شوال سنة تسع، وقريش نقضت فى السابعة، والفتح فى الثامنة، وما شرطية واقعة على الزمان، قيل: هى مبتدأ، ويقدر فما استقاموا فيه فاستقيموا لهم فيه، لأَن ما لا تضاف ولو كانت بمعنى زمان أَو زمانية شرطية، والمعنى استقيموا لهم فى زمان استقاموا لكم فيه، ويجوز أَن تكون مصدرية ظرفية وزيدت الفاء بعدها لشبهها بالشرط فى التعليق والمصدر معلق باستقيموا لهم استقامتهم لكم، أَى مدة استقامتهم لكم، أَو المصدر مفعول مطلق، أَى استقيموا لهم استقامتهم لكم، أَى مثل استقامتهم، وأَجاز ابن مالك الجزم بما المصدرية الظرفية، وقوله "إِلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام" إِلخ.. مثل قوله " { إِلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئاً } " [التوبة: 4] إِلخ.. قيد الأَول بقوله "ثم لم ينقصوكم" إِلخ"، والثانى بقوله "فما استقاموا" فكلاهما فيه تقييد، وكذا قيد الأَول بوجوب إِتمام العهد مرتباً على عدم النقض ومظاهرة عليهم، وقيد الثانى بوجوب الاستقامة مرتباً على استقامتهم بإِتمام العهد { إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } ومن الاتقاء الاستقامة لهم ما داموا مستقيمين. وقد استقام صلى الله عليه وسلم والمؤمنون لقريش حتى نقضوا العهد بإِعانة بنى بكر الذين فى عهدهم على خزاعة الذين فى عهده صلى الله عليه وسلم.