خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَٰهِيمَ وَأَصْحَـٰبِ مَدْيَنَ وَٱلْمُؤْتَفِكَـٰتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَـٰتِ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
٧٠
-التوبة

تيسير التفسير

{ أَلَمْ يَأْتِهِمْ } أَى المنافقين ومن ذكر معهم، ولا التفات هنا كما قيل، بل هذا تبع للالتفات فى قوله: أُولئك حبطت، إِلى الخاسرون. من الخطاب إِلى الغيبة الملتفت عنها إِلى الخطاب فى قوله من قبلكم إِلخ. { نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } هددهم بأَخبار من قبلهم وهلاكهم لأَفعالهم لينزجروا حذراً من أَن يقع بهم ما وقع بمن قبلهم. { قَومِ نوحٍ } بدل مطابق باعتبار ما يعطف عليه. والمبدل منه الذين والمراد به الستة هنا، فلا ينافى بدل المطابقة أن المهلكين أَكثر منها وإِنما اقتصر عليها لقربها من أَرض العرب يرون أَثرها بالشام واليمن والعراق ويعرفون أَخبارها، أغرق قوم نوح وأَحرقوا أَيضاً بالنار فى الماء { وَعَادٍ } قبيلة سموا باسم أَبيهم أَهلكوا بالصيحة والريح المتضمنة للنار، يراها فى الريح هود نبيهم عليه السلام ومن معه من المؤمنين { وَثَمُود } قوم صالح وهم قبيلة سموا باسم أَبيهم أَهلكوا بالزلزلة أَولا والصيحة من السماء أَو بالصيحة أَولا أَو بهما معا دفعة وتقطعت قلوبهم، ولم يقل وقوم هود وقوم صالح لأَنهم لم يشهروا عند النزول باسمى هود وصالح، وقيل لأَنه آمن منهم الكثير. { وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ } سلطانهم نمروذ ـ بفتح النون وضمها أو إِعجام الذال ـ أَهلكه الله ببعوضة وأَهلك القوم الكفار معه بالبعوض، تأكل طعامهم ودوابهم وأَجسادهم فماتوا بها وبالجوع، أهلكته بعوضة واحدة دخلت دماغه عكسا وإذلالا لطغيانه، وأَبوه كنعان { وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ } أَهل قرية تسمى مدين باسم جدهم مدين ابن إِبراهيم وهم قوم شعيب أَهلكوا بالنار، إِذ نصبت لهم سحابة فى صحرائهم وقد اتقد ما سواها حرارة وغلت مياههم سبعة أَيام حتى اجتمعوا تحتها لبرد تحتها فأُحرقوا منها، وهذا قول ابن عباس رضى الله عنهما، وقال قتادة أُهلكوا بالصيحة وأَصحاب الأَيكة بالنار، قيل وهم شيت ولا يصح { وَالْمُؤْتَفِكَاتِ } أَى وَأَهل القرى المؤتفكات أَى المنقلبة مطاوع أَفكها أَى قبلها فانقلبت صار أَعلاها أَسفلها، وهن قرى قوم لوط قلبت وضربوا بالحجارة من سجيل، وقيل المراد قرى المكذبين المتمردين انقلبت أَحوالهم من الخير إِلى الشر، فالائتفال فى هذا مجاز. قال ابن الرومى:

وما الخسف أَن تلقى أَسافل بلدة أَعاليها بل أَن تسودَ الأَراذل

أَو بل الخسف رياسة الأَراذل { أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ } إِلخ بيان لنبأ فإِن خبرهم أَنهم أَتتهم رسلهم بالمعجزات فكذبوهم فأهلكوا { فَمَا كَانَ اللهُ لِيظْلِمَهُمْ } عطف على أُهلكوا، أَى لا يليق به أَدنى ظلم، ولم يعتد الظلم، أَو استمر نفى الظلم عنه { وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ } مفعول لقوله { يَظْلِمُونَ } إِذ عرضوها للعقاب بكفرهم وقدم على طريق الاهتمام وللفاصلة والحصر لا يقال ظلمهم الله حاشاه ولا ينال عقابهم المؤمنين، وبعد ما عاب المافقين والكافرين بقبائحهم وعقابها مدح المؤْمنين بأَضدادها وثوابها.