خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ
١٢٣
وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ أَعْمَىٰ
١٢٤
قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِيۤ أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً
١٢٥
قَالَ كَذٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ تُنْسَىٰ
١٢٦
وَكَذٰلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَىٰ
١٢٧
أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ
١٢٨
وَلَوْلاَ كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ لَكَانَ لِزَاماً وَأَجَلٌ مُّسَمًّى
١٢٩
-طه

تيسير التفسير

معيشة ضنكا: معيشة ضيقٍ شديد. أعمى: أعمى البصيرة: فنسيتَها: فتركتها. وكذلك اليوم تُنسى: تترك. لأولي النهى: لذوي العقول. لزاماً: لازما لهم.
أمر الله آدم وزوجته ان يخرجا من الجنة، فقال لهما انزِلا منها الى الأرض، وأخبَرَهما بان العداوة ستكون بين ذريتهما، وان الله تعالى سيمدّهم بالهدى، فمن استقام واتبع الهدى منهم فإنه لا يضِلّ في هذه الحياة، ولا يشقى بالعذاب.
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ان قال:
"من اتبع كتاب الله هداه الله من الضلالة في الدنيا، ووقاه سوء الحساب يوم القيامة" ومن أعرضَ عن هدى الله وطاعته، فإن له معيشةً ضيقة شديدة { وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ ٱلْقِيامَةِ أَعْمَىٰ } أي أعمى البصيرة عاجزاً عن الحُجّة التي يعتذر بها، فيسأل ربَّه في هذا الموقف الحرج:
{ قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِيۤ أَعْمَىٰ وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً }.
فيقول: يا ربّ، لِمَ حشرتَني أعمى عن حجتي وعن رؤية الاشياء على حقيقتها وقد كنتُ في الدنيا ذا بصرٍ بذلك؟.
فيجيبه ربه بقوله: { ... كَذٰلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذٰلِكَ ٱلْيَوْمَ تُنْسَىٰ }.
لقد جاءتك آياتنا ورسُلنا في الدنيا فنسيتها، وتعاميتَ عنها، وكذلك اليوم تُترك وتنسى.
وهكذا نعاقِب في الدنيا من أسرفَ فعصى ربه ولم يؤمن به وبرسُله، وان عذاب الآخرة في النار أشدّ أَلما، واكثر بقاء، لأنه لا نهاية له.
{ أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِّنَ ٱلْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَسَاكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلنُّهَىٰ }.
افلم يرشدْهم الى وجهِ العِبرَ، إهلاكُنا لكثيرٍ من الأمم الماضية قبلهم بسبب كفرهم، ولم يتّعظوا بهم مع أنهم يمشُون في ديارِهم ومساكنهم، ويشهدون آثار ما حلّ بهم من العذاب! ان ما يشاهدون، ويرون من آثار ما حلّ بهم لدلائلَ وعبراً واضحة لأصحاب العقول الراجحة.
ولولا حكمٌ سبقَ من ربك بتأخير العذاب عنهم إلى اجلٍ مسمّى هو يوم القيامة، لكان العذابُ لازماً لهم في الدنيا، كما حل بأصحاب القرون الماضية. وتقدير الكلام: ولولا كلمة واجلٌ مسمى لكان العذابُ لِزَاماً.