ضربُ المثل: تشبيه حالٍ غريبة بأخرى مثلها. القرية: يقول كثير من المفسرين انها انطاكية، والرسل غير معروفين ولم يردْ خبر صحيح عنهم. فعزّزنا بثالث: فقويناهم بثالث. البلاغ المبين: التبليغ الواضح. تطيّرنا: تشاءمنا بكم. لنرجُمنكم: لنرمينكم بالحجارة. طائركم معكم: شؤمكم معكم. ائن ذكِّرتم: أئن وُعظتم بما فيه سعادتكم تتشاءمون بنا! مسرفون: مجاوزون الحد في العصيان. لا تغني: لا تنفع. ولا يُنقِذون: ولا يخلصونني....
يذكّرهم الله تعالى بقومٍ مثلهم في الكفر والعناد والإصرار على التكذيب، فيقول: اذكر لقومك أيها النبي قصةَ أهل قريةِ انطاكية لمّا أرسلنا إليهم الرسلَ لهدايتهم.... أرسلنا اليهم رسولَين اثنين، فكذّبوهما، فقوّيناهما بثالثٍ وقالوا لهم: لقد أرسلَنا الله إليكم، فقال اهل القرية لهم: ما أنتم الا بشرٌ مثلنا وليس لكم علينا مَزِية، وما أنزل الرحمنُ إليكم شيئا، ولا أمَرَكم بشيء، وما انتم الا كاذبون.
قال الرسل مؤكدين رسالتهم: الله يعلم أنّا رسُلُه اليكم، وما علينا الا ان نبلّغكم رسالته... وقد فعلْنا.
فقال اهل القرية مهدِّدين: إنّا تشاءمنا بكم، لئن لم تتركوا ما تقولون قتلْناكم رجماً بالحجارة ولحِقَكم منا عذابٌ شديد.
فقال الرسل لهم: { طَائِرُكُم مَّعَكُمْ } شؤمُكم معكم { أَإِن ذُكِّرْتُم؟ } بمعنى: أئن وُعظتم بما فيه سعادتكم تتشاءمون بنا؟ فخبر "أئن ذُكرتم" محذوفٌ....
{ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ } بالبغي والعناد والكفر.
وفي هذه الأثناء يأتي رجلٌ مؤمن من أقصى أطراف المدينة مسرعاً لينصح قومه حين بلغه أنهم عقدوا النية على قتل الرسل.
{ قَالَ يٰقَوْمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلْمُرْسَلِينَ ٱتَّبِعُواْ مَن لاَّ يَسْأَلُكُمْ أَجْراً وَهُمْ مُّهْتَدُونَ }
بعد ذلك بيّن لهم ذلك الساعي انه ما اختار لهم الا ما اختار لنفسه فقال: وأيَّ شيء يمنعني ان أعبدَ الذي خلقني { وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ }. وكيف أعبد آلهة لا تفيدني شفاعتُهم شيئاً إن أرادني الله بسوء، { وَلاَ يُنقِذُونَ } ولا يخلصونني من أي سوء! اذا فعلت ذلك فأنا في ضلال مبين.
ثم التفت الى الرسل وخاطبهم بما يثبت ايمانه بالله فقال:
{ إِنِّيۤ آمَنتُ بِرَبِّكُمْ فَٱسْمَعُونِ } اشهدوا لي بذلك عنده.
{ قِيلَ ٱدْخُلِ ٱلْجَنَّةَ قَالَ يٰلَيْتَ قَوْمِي يَعْلَمُونَ } بغفران ربّي لي وإكرامه إياي، فيؤمنون كما آمنت. إنه يتمنى لو يرى قومُه ما اعطاه الله من الرضى والكرامة لعلهم يؤمنون.
قراءات
قرأ ابو بكر: فعززنا بفتح الزاي الأولى من غير تشديد. والباقون بالتشديد.