مكتبة التفاسير
فهرس القرآن
التفاسير الأكثر قراءة
كتب أخرىٰ
التفاسير العظيمة
التفاسير العظيمة
يحتوي الموقع على 91 تفسير للقرآن الكريم و 25 كتاب في علوم القرآن
English
القائمة
الرئيسية
القرآن والتجويد
التفاسير
علم القراءات
علوم القرآن
بحث وفهارس
كتب متفرقة
تراجم
دراسات قرانية
الإعجاز العلمي
خريطة الموقع
نبذة عنا
خريطة الموقع
>
التفسير
التفاسير
١ الفاتحة
٢ البقرة
٣ آل عمران
٤ النساء
٥ المائدة
٦ الأنعام
٧ الأعراف
٨ الأنفال
٩ التوبة
١٠ يونس
١١ هود
١٢ يوسف
١٣ الرعد
١٤ إبراهيم
١٥ الحجر
١٦ النحل
١٧ الإسراء
١٨ الكهف
١٩ مريم
٢٠ طه
٢١ الأنبياء
٢٢ الحج
٢٣ المؤمنون
٢٤ النور
٢٥ الفرقان
٢٦ الشعراء
٢٧ النمل
٢٨ القصص
٢٩ العنكبوت
٣٠ الروم
٣١ لقمان
٣٢ السجدة
٣٣ الأحزاب
٣٤ سبأ
٣٥ فاطر
٣٦ يس
٣٧ الصافات
٣٨ ص
٣٩ الزمر
٤٠ غافر
٤١ فصلت
٤٢ الشورى
٤٣ الزخرف
٤٤ الدخان
٤٥ الجاثية
٤٦ الأحقاف
٤٧ محمد
٤٨ الفتح
٤٩ الحجرات
٥٠ ق
٥١ الذاريات
٥٢ الطور
٥٣ النجم
٥٤ القمر
٥٥ الرحمن
٥٦ الواقعة
٥٧ الحديد
٥٨ المجادلة
٥٩ الحشر
٦٠ الممتحنة
٦١ الصف
٦٢ الجمعة
٦٣ المنافقون
٦٤ التغابن
٦٥ الطلاق
٦٦ التحريم
٦٧ الملك
٦٨ القلم
٦٩ الحاقة
٧٠ المعارج
٧١ نوح
٧٢ الجن
٧٣ المزمل
٧٤ المدثر
٧٥ القيامة
٧٦ الإنسان
٧٧ المرسلات
٧٨ النبأ
٧٩ النازعات
٨٠ عبس
٨١ التكوير
٨٢ الانفطار
٨٣ المطففين
٨٤ الانشقاق
٨٥ البروج
٨٦ الطارق
٨٧ الأعلى
٨٨ الغاشية
٨٩ الفجر
٩٠ البلد
٩١ الشمس
٩٢ الليل
٩٣ الضحى
٩٤ الشرح
٩٥ التين
٩٦ العلق
٩٧ القدر
٩٨ البينة
٩٩ الزلزلة
١٠٠ العاديات
١٠١ القارعة
١٠٢ التكاثر
١٠٣ العصر
١٠٤ الهمزة
١٠٥ الفيل
١٠٦ قريش
١٠٧ الماعون
١٠٨ الكوثر
١٠٩ الكافرون
١١٠ النصر
١١١ المسد
١١٢ الاخلاص
١١٣ الفلق
١١٤ الناس
<
1
2
3
4
5
6
7
8
9
10
11
12
13
14
15
16
17
18
19
20
21
22
23
24
25
26
27
28
29
30
31
32
33
34
35
36
37
38
39
40
41
42
43
44
45
46
47
48
49
50
51
52
53
54
55
56
57
58
59
60
61
62
63
64
65
66
67
68
69
70
71
72
73
74
75
76
77
78
79
80
81
82
83
84
85
86
87
88
89
90
91
92
93
94
95
96
97
98
99
100
101
102
103
104
105
106
107
108
109
110
111
112
113
114
115
116
117
118
119
120
121
122
123
124
125
126
127
128
129
130
131
132
133
134
135
136
137
138
139
140
141
142
143
144
145
146
147
148
149
150
151
152
153
154
155
156
157
158
159
160
161
162
163
164
165
166
167
168
169
170
171
172
173
174
175
176
177
178
179
180
181
182
183
184
185
186
187
188
189
190
191
192
193
194
195
196
197
198
199
200
201
202
203
204
205
206
>
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
--- اختر التفسير---
تيسير التفسير/ اطفيش (ت 1332 هـ)
تيسير التفسير/ القطان (ت 1404 هـ)
المنتخب في تفسير القرآن الكريم / لجنة القرآن و السنة
أيسر التفاسير/ د. أسعد حومد (ت 2011م)
تفسير آيات الأحكام/ الصابوني (مـ 1930م -)
مختصر تفسير ابن كثير/ الصابوني (مـ 1930م -)
صفوة التفاسير/ الصابوني (مـ 1930م -)
عرض
وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ
٥٢
هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ
٥٣
إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ
٥٤
ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ
٥٥
وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا وَٱدْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ
٥٦
وَهُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ ٱلْمَآءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ كَذٰلِكَ نُخْرِجُ ٱلْموْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ
٥٧
وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَٱلَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً كَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ
٥٨
لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ فَقَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ
٥٩
قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ
٦٠
قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَـٰلَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ
٦١
أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ
٦٢
أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ
٦٣
فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ
٦٤
وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ تَتَّقُونَ
٦٥
قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ
٦٦
قَالَ يَٰقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَٰكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَٰلَمِينَ
٦٧
أُبَلِّغُكُمْ رِسَٰلٰتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ
٦٨
أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ وَٱذكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي ٱلْخَلْقِ بَصْطَةً فَٱذْكُرُوۤاْ ءَالآءَ ٱللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ
٦٩
قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ ٱللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ
٧٠
قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَٰدِلُونَنِي فِيۤ أَسْمَآءٍ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنْتُمْ وَآبَآؤكُمُ مَّا نَزَّلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنْتَظِرِينَ
٧١
فَأَنجَيْنَاهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ
٧٢
-الأعراف
أضف للمقارنة
صفوة التفاسير
المنَاسَبَة: لما ذكر تعالى حال الكفار الأشقياء وخسارتهم الفادحة في الآخرة، ذكر هنا أنه لا حجة لأحد فقد أرسل الله الرسل وأنزل الكتب لهداية البشرية، ثم ذكر قصص بعض الأنبياء فبدأ بنوح
عليه السلام
شيخ الأنبياء ثم أعقبه بذكر هودٍ
عليه السلام
وموقف المشركين من دعوة الرسل الكرام.
اللغَة: { تَأْوِيلَهُ } عاقبة أمره وما يئول إليه من آل يئول إذا صار إليه { ٱسْتَوَىٰ } الاستواء: العلوّ والاستقرار قال الجوهري: استوى على ظهر الدابة استقرّ، واستوى إلى السماء قصد، واستوى الشيءُ إذا اعتدل { يُغْشِي } يغطّي { حَثِيثاً } سريعاً والحثُّ: الإِعجال والسرعة { تَبَارَكَ } تفاعل من البركة وهي الكثرة والاتساع قال الأزهري: تبارك أي تعالى وتعاظم وارتفع { تَضَرُّعاً } تذللاً واستكانة وهو إظهار الذل الذي في النفس مع الخشوع { وَخُفْيَةً } سراً { بُشْراً } مبشرة بالمطر { أَقَلَّتْ } حملت { نَكِداً } العِسرِ القليل
{
{ آلاۤءِ }
[النجم: 55] الآلاء النِّعَم واحدها "لَى" كمِعَى.
التفسِير: { وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ } أي ولقد جئنا أهل مكة بكتاب هو القرآن العظيم { فَصَّلْنَاهُ عَلَىٰ عِلْمٍ } أي بينّا معانيه ووضحنا أحكامه على علم منا حتى جاء قيّماً غير ذي عوج { هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } أي هداية ورحمة وسعادة لمن آمن به { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ } أي ما ينتظر أهل مكة إلا عاقبة ما وُعدوا به من العذاب والنكال قال قتادة: تأويله عاقبتُه { يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ } هو يوم القيامة { يَقُولُ ٱلَّذِينَ نَسُوهُ مِن قَبْلُ } أي يقول الذين ضيّعوا وتركوا العمل به في الدنيا { قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بِٱلْحَقِّ } أي جاءتنا الرسل بالأخبار الصادقة وتحقق لنا صدقهم فلم نؤمن بهم ولم نتبعهم قال الطبري: أقسم المساكين حين حلّ بهم العقاب أن رسل الله قد بلّغتهم الرسالة ونصحتْ لهم وصدَقَتْهم حين لا ينفعهم ولا ينجيهم من سخط الله كثرةُ القيل والقال { فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ } أي هل لنا اليوم شفيع يخلصنا من هذا العذاب؟ استفهام فيه معنى التمني { أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ ٱلَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ } أو هل لنا من عودة إلى الدنيا لنعمل صالحاً غير ما كنا نعمله من المعاصي وقبيح الأعمال؟ قال تعالى ردّاً عليهم { قَدْ خَسِرُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } أي خسروا أنفسهم حيث ابتاعوا الخسيس الفاني من الدنيا بالنفيس الباقي من الآخرة، وبطل عنهم ما كانوا يزعمونه من شفاعة الآلهة والأصنام، ثم ذكر تعالى دلائل القدرة والوحدانية فقال { إِنَّ رَبَّكُمُ ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ } أي إن معبودكم وخالقكم الذي تعبدونه هو المنفرد بقدرة الإِيجاد الذي خلق السماوات والأرض في مقدار ستة أيام من أيام الدنيا قال القرطبي: لو أراد لخلقها في لحظة ولكنه أراد أن يعلِّم العبادَ التثبت في الأمور { ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ } أي استواءً يليق بجلاله من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تعطيلٍ ولا تحريف كما هو مذهب السلف وكما قال الإِمام مالك
رحمه الله
: الاستواء معلوم، والكَيْفُ مجهول، والإِيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة وقال الإِمام أحمد
رحمه الله
: أخبارُ الصفات تُمَرُّ كما جاءت بلا تشبيه ولا تعطيل فلا يقال: كيف؟ ولِمَ؟ نؤمن بأن الله على العرش كيف شاء، وكما شاء بلا حدٍّ ولا صفةٍ يبلغها واصف أو يحدها حادُّ، نقرأ الآية والخبر ونؤمن بما فيهما ونَكِلُ الكيفية في الصفات إلى علم الله عز وجل وقال القرطبي: لم ينكر أحدٌ من السلف الصالح أنه استوى على عرشه حقيقةً وإِنما جهلوا كيفية الاستواء فإِنه لا تُعلم حقيقته { يُغْشِي ٱلَّيلَ ٱلنَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً } أي يغطي الليل على النهار فيذهب بضوئه ويطلبه سريعاً حتى يدركه { وَٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ وَٱلنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ } أي الجميع تحت قهره ومشيئته وتسخيره { أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ } أي له الملك والتصرف التام في الكائنات { تَبَارَكَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَالَمِينَ } أي تعظّم وتمجّد الخالق المبدع رب العالمين { ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً } أي أدعو الله تذللاً وسراً بخشوع وخضوع { إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ } أي لا يحب المعتدين في الدعاء بالتشدق ورفع الصوت وفي الحديث
"إنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائباً"
{ وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا } أي لا تفسدوا في الأرض بالشرك والمعاصي بعد أن أصلحها الله ببعثة المرسلين { وَٱدْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً } أي خوفاً من عذابه وطمعاً في رحمته { إِنَّ رَحْمَتَ ٱللَّهِ قَرِيبٌ مِّنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } أي رحمته تعالى قريبة من المطيعين الذين يمتثلون أوامره ويتركون زواجره { وَهُوَ ٱلَّذِي يُرْسِلُ ٱلرِّيَاحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ } أي يرسل الرياح مبشرة بالمطر قال في البحر: ومعنى بين يدي رحمته أي أمام نعمته وهو المطر الذي هو من أجلّ النعم وأحسنها أثراً على الإِنسان { حَتَّىٰ إِذَآ أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً } أي حتى إذا حملت الرياح سحاباً مثقلاً بالماء { سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ } أي سقنا السحاب إلى أرض ميتة مجدبة لا نبات فيها { فَأَنْزَلْنَا بِهِ ٱلْمَآءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ ٱلثَّمَرَاتِ } أي أنزلنا في ذلك البلد الميت الماء فأخرجنا بذلك الماء من كل أنواع الثمرات { كَذٰلِكَ نُخْرِجُ ٱلْموْتَىٰ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } أي مثل هذا الإِخراج نُخرج الموتى من قبورهم لعلكم تعتبرون وتؤمنون قال ابن كثير: وهذا المعنى كثير في القرآن يضرب الله المثل ليوم القيامة بإحياء الأرض بعد موتها ولهذا قال لعلكم تذكّرون { وَٱلْبَلَدُ ٱلطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ } أي الأرضُ الكريمةُ التربة يَخْرج النبات فيها وافياً حسناً غزير النفع بمشيئة الله وتيسيره، وهذا مثل للمؤمن يسمع الموعظة فينتفع بها { وَٱلَّذِي خَبُثَ لاَ يَخْرُجُ إِلاَّ نَكِداً } أي والأرض إذا كانت خبيثة التربة كالحرّة أو السبخة لا يخرج النبات فيها إلا بعسر ومشقة وقليلاً لا خير فيه، وهذا مثلٌُ للكافر الذي لا ينتفع بالموعظة قال ابن عباس: هذا مثلٌ ضربه الله للمؤمن والكافر، فالمؤمن طيّب وعمله طيب كالأرض الطيبة ثمرها طيب، والكافر خبيثٌ وعملهُ خبيث كالأرض السبخة المالحة لا ينتفع بها { كَذٰلِكَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ } أي كما ضربنا هذا المثل كذلك نبيّن وجوه الحجج ونكررها آية بعد آية، وحجة بعد حجة لقوم يشكرون الله على نعمه، وإنما خصّ الشاكرين بالذكر لأنهم المنتفعون بسماع القرآن قال الألوسي: أي مِثلَ هذا التصريف البديع نردِّد الآيات الدالة على القدرة الباهرة ونكررها لقومٍ يشكرون نعم الله تعالى، وشكرُها بالتفكر والاعتبار بها { لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحاً إِلَىٰ قَوْمِهِ } اللام جواب قسمٍ محذوف أي والله لقد أرسلنا نوحاً، ونوحٌ شيخ الأنبياء لأنه أطولهم عمراً وهو أول نبيّ بعثه الله بعد إدريس، ولم يلق نبيٌّ من الأذى مثل نوح { فَقَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } أي وحدّوا الله ولا تشركوا به فما لكم إلهٌ مستحقٌ للعبادة غيره { إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } أي إِن أشركتم به ولم تؤمنوا فأنا أخاف عليكم عذاب يومٍ عظيم هو يوم القيامة { قَالَ ٱلْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ } أي قال الأشراف والسادة من قومه إنا لنراك يا نوح في ذهابٍ عن طريق الحق والصواب واضح جلي قال أبو حيان: ولم يجبه من قومه إلا أشرافُهم وسادتهم وهم الذين يتعاصون على الرسل لانغماس عقولهم بالدنيا وطلب الرياسة، وهكذا حال الفجار إنما يرون الأبرار في ضلالة { قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } أي ما أنا بضال ولكنْ أنا مرسل إليكم من عند ربكم المالك لأموركم الناظر لكم بالمصلحة { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ } أي أنا أبلغكم ما أرسلني الله به إليكم وأقصد صلاحكم وخيركم وأعلم من الأمور الغيبية أشياء لا علم لكم بها قال ابن كثير: وهذا شأن الرسول أن يكون مبلغاً فصيحاً ناصحاً عالماً بالله لا يدركه أحد من خلق الله في هذه الصفات { أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنْكُمْ } أي لا تعجبوا من هذا فإِن هذا ليس بعجيب أن يوحي الله إلى رجل منكم رحمة بكم ولطفاً وإِحساناً إليكم { لِيُنذِرَكُمْ وَلِتَتَّقُواْ وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } أي ليخوفكم هذا الرسول من العذاب إن لم تؤمنوا ولتتقوا ربكم وتنالكم الرحمة بتقواه { فَكَذَّبُوهُ فَأَنجَيْنَاهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ فِي ٱلْفُلْكِ } أي كذبوا نوحاً مع طول مدة إقامته فيهم فأنجاه الله والمؤمنين معه في السفينة { وَأَغْرَقْنَا ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَآ } أي أهلكنا المكذبين منهم بالغرق { إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً عَمِينَ } أي عميت قلوبهم عن الحق فهم لا يبصرونه ولا يهتدون له قال ابن عباس: عميتْ قلوبهم عن معرفة التوحيد والنبوة والمعاد { وَإِلَىٰ عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً } أي وأرسلنا إلى قوم عاد أخاهم هوداً وكانت مساكنهم بالأحقاف باليمن { قَالَ يَاقَوْمِ ٱعْبُدُواْ ٱللَّهَ مَا لَكُمْ مِّنْ إِلَـٰهٍ غَيْرُهُ } أي قال لهم رسولهم وحّدوا الله فليس لكم إله غيره { أَفَلاَ تَتَّقُونَ } أي أفلا تخافون عذابه؟ { قَالَ ٱلْمَلأُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ } أي قال السادة والقادة منهم { إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وِإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } أي نراك في خفة حلم وسخافة عقل وإننا لنظنك من الكاذبين في ادعائك الرسالة { قَالَ يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } أي ليس بي كما تزعمون نقص في العقل ولكني مرسل إليكم بالهداية من رب العالمين { أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاتِ رَبِّي وَأَنَاْ لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ } أي أبلغكم أوامر الله وأنا ناصح لكم فيما أدعوكم إليه، أمينٌ على ما أقول لا أكذب فيه قال الزمخشري: وفي إجابة الأنبياء عليهم السلام مِمَّنْ نسبَهم إلى السفاهة والضلالة - بما أجابوهم به من الكلام الصادر عن الحلم وترك المقابلة - أدبٌ حسنٌ وخُلُق عظيم، وتعليم للعباد كيف يخاطبون السفهاء ويسبلون أذيالهم على ما يكون منهم { أَوَ عَجِبْتُمْ أَن جَآءَكُمْ ذِكْرٌ مِّن رَّبِّكُمْ عَلَىٰ رَجُلٍ مِّنكُمْ لِيُنذِرَكُمْ } أي لا تعجبوا أن بعث الله إليكم رسولاً من أنفسكم لينذركم لقاء الله ويخوفكم عذابه { وَٱذكُرُوۤاْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَآءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ } أي اذكروا نعمة الله حين استخلفكم في الأرض بعد إهلاك قوم نوح { وَزَادَكُمْ فِي ٱلْخَلْقِ بَصْطَةً } أي زاد في أجسامكم قوةً وضخامة { فَٱذْكُرُوۤاْ آلآءَ ٱللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } أي اذكروا نعم الله عليكم كي تفلحوا وتفوزوا بالسعادة { قَالُوۤاْ أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ ٱللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا } أي أجئتنا يا هود تتوعدنا بالعذاب كي نعبد الله وحده ونهجر عبادة الآلهة والأصنام ونتبرأ منها؟ { فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَآ إِن كُنتَ مِنَ ٱلصَّادِقِينَ } أي فأتنا بما تعدنا به من العذاب فلن نؤمن لك إن كنت من الصادقين في قولك { قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِّن رَّبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ } أي قد حلّ بكم عذاب وغضب من الله { أَتُجَٰدِلُونَنِي فِيۤ أَسْمَآءٍ سَمَّيْتُمُوهَآ أَنْتُمْ وَآبَآؤكُمُ مَّا نَزَّلَ ٱللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ } أي أتخاصمونني في أصنام لا تضر ولا تنفع ما أنزل الله بعبادتها من حجة أو برهان { فَٱنْتَظِرُوۤاْ إِنِّي مَعَكُمْ مِّنَ ٱلْمُنْتَظِرِينَ } أي فانتظروا نزول العذاب إني من المنتظرين لما يحل بكم وهذا غاية الوعيد والتهديد { فَأَنجَيْنَاهُ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا } أي أنجينا هوداً والذين معه من المؤمنين رحمة منا لهم { وَقَطَعْنَا دَابِرَ ٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا } أي استأصلناهم بالكلية ودمرناهم عن آخرهم { وَمَا كَانُواْ مُؤْمِنِينَ } أي كذبوا ولم يؤمنوا فاستحقوا العذاب قال أبو السعود: أي أصروا على الكفر والتكذيب ولم يرعووا عن ذلك أبداًَ فأهلكهم الله بالريح العقيم.
البَلاَغَة: 1- { أَلاَ لَهُ ٱلْخَلْقُ وَٱلأَمْرُ } الآية على قلة ألفاظها جمعت معاني كثيرة استوعبت جميع الأشياء والشئون على وجه الاستقصاء حتى قال ابن عمر: من بقي له شيء فليطلبه وهذا الأسلوب البليغ يسمى "إيجاز قِصَر" ومداره على جمع الألفاظ القليلة للمعاني الكثيرة.
2- { سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ } وصفُ البلد بالموت استعارةٌ حسنة لجدبه وعدم نباته كأنه كالجسد الذي لا روح فيه من حيث عدم الانتفاع به.
3- { كَذٰلِكَ نُخْرِجُ ٱلْموْتَىٰ } أي مثل إخراج النبات من الأرض نخرج الموتى من قبورهم فهو تشبيه "مرسل مجمل" ذكرت الأداة ولم يذكر وجه الشبه.
4- { وَقَطَعْنَا دَابِرَ } قطع الدابر كنايةٌ لطيفةٌ عن استئصالهم جميعاً بالهلاك.
تنبيه: ذكر العلامة الألوسي عند قوله تعالى { ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً } عن الحسن البصري أنه قال: لقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت إن كان إلا همساً بينهم وبين ربهم وذلك أنه تعالى يقول { ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً } وأنه
سبحانه
ذكر عبداً صالحاً فقال
{
{ إِذْ نَادَىٰ رَبَّهُ نِدَآءً خَفِيّاً }
[مريم: 3] ثم قال: وذكروا للدعاء آداباً كثيرة منها: أن يكون على طهارة، وأن يستقبل القبلة، وتخلية القلب من الشواغل، وافتتاحه واختتامه بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ورفع اليدين نحو السماء، وإشراك المؤمنين فيه، وتحري ساعات الإِجابة كثلث الليل الأخير، ووقت إفطار الصائم، ويوم الجمعة وغير ذلك.
x
x
x
x
x
x
x
x
x
x
اختر كتب التفسير المراد اضافتها للمقارنة :
--- كل المدارس ---
أمهات التفاسير
تفاسير أهل السنة
تفاسير أهل السنة الصوفية
تفاسير أهل السنة السلفية
تفاسير ميسرة
تفاسير الشيعة الإثنى عشرية
تفاسيرالزيدية
تفاسيرالاباضية
تفاسير حديثة
تفاسير مختصرة
موافق
أعلى الصفحة
2025 © جميع الحقوق محفوظة