خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ
٧٣
فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِّن سِجِّيلٍ
٧٤
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ
٧٥
وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ
٧٦
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ
٧٧
-الحجر

مختصر تفسير ابن كثير

يقول تعالى: { فَأَخَذَتْهُمُ ٱلصَّيْحَةُ } وهي ما جاءهم من الصوت القاصف عند شروق الشمس وهو طلوعها، وذلك مع رفع بلادهم إلى عنان السماء، ثم قلبها، وجعل عاليها سافلها، وإرسال حجارة السجيل عليهم. وقد تقدم الكلام على السجيل في هود بما فيه كفاية، وقوله: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ } أي إن آثار هذه النقم الظاهرة على تلك البلاد لمن تأمل ذلك وتوسمه بعين بصره وبصيرته، كما قال مجاهد في قوله: { لِلْمُتَوَسِّمِينَ } قال: المتفرسين. وعن ابن عباس والضحّاك: للناظرين، وقال قتادة: للمعتبرين، وقال مالك عن بعض أهل المدينة: { لِلْمُتَوَسِّمِينَ } للمتأملين. وقال ابن أبي حاتم، عن أبي سعيد مرفوعاً قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا فِراسةَ المؤمن فإنه ينظر بنور الله" ، ثم قرأ النبي صلى الله عليه وسلم: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ }. وفي رواية عن ابن عمر: "اتقوا فراسة المؤمن فإن المؤمن ينظر بنور الله" . وروى الحافظ البزار عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن لله عباداً يعرفون الناس بالتوسم" . وقوله: { وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ } أي وإن قرية سدوم التي أصابها ما أصابها من القلب والقذف للحجارة حتى صارت بحيرة منتنة خبيثة، بطريق مهيع مسالكه مستعمرة إلى اليوم، كقوله: { { وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ * وَبِٱلَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } [الصافات: 137-138]، وقال مجاهد والضحّاك: { وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقِيمٍ } قال: معلم، وقال قتادة: بطريق واضح. وقال قتادة أيضاً: بصقع من الأرض واحد. وقوله: { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ } أي إن الذي صنعنا بقوم لوط من الهلاك والدمار، وإنجائنا لوطاً وأهله لدلالة واضحة جلية للمؤمنين بالله ورسله.