خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً
١١٠
-الكهف

مختصر تفسير ابن كثير

يقول تعالى لرسوله محمد صلوات الله وسلامه عليه { قُلْ } لهؤلاء المشركين المكذبين برسالتك إليهم { إِنَّمَآ أَنَاْ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ }، فمن زعم أني كاذب فليأت بمثل ما جئت به، فإني لا أعلم الغيب فيما أخبرتكم به من الماضي، عما سألتم من قصة أصحاب الكهف، وخبر ذي القرنين، مما هو مطابق في نفس الأمر، لولا ما أطلعني الله عليه، وإنما أخبركم { أَنَّمَآ إِلَـٰهُكُمْ } الذي أدعوكم إلى عبادته { إِلَـٰهٌ وَاحِدٌ } لا شريك له، { فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ } أي ثوابه وجزاءه الصالح { فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً } ما كان موافقاً لشرع الله، { وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً } وهو الذي يراد به وجه الله وحده لا شريك له، وهذان ركنا العمل المتقبل، لا بدَّ أن يكون خالصاً لله، صواباً على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد روي عن طاووس قال: قال رجل: يا رسول الله! إني أقف المواقف أريد وجه الله، وأحب أن يرى موطني، فلم يرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً، حتى نزلت هذه الآية { فَمَن كَانَ يَرْجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلاَ يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدَاً }، وجاء رجل إلى عبادة بن الصامت، فقال أنبئني عما أسألك عنه، أرأيت رجلاً يصلي يبتغي وجه الله ويحب أن يحمد، ويصوم يبتغي وجه الله ويحب أن يحمد، ويتصدق يبتغي وجه الله ويحب أن يحمد، ويحج يبتغي وجه الله ويحب أن يحمد، فقال عبادة: ليس له شيء، إن الله تعالى يقول: أنا خير شريك، فمن كان معي شريك فهو له كله لا حاجة لي فيه.
وروى الإمام أحمد، عن شداد بن أوس رضي الله عنه أنه بكى. فقيل له: ما يبكيك؟ قال شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبكاني. سمعت رسول الله يقول:
"أتخوف على أمتي الشرك والشهوة الخفية، قلت: يا رسول الله! أتشرك أمتك من بعدك؟ قال: نعم، أما إنهم لا يعبدون شمساً ولا قمراً ولا حجراً ولا وثناً، ولكن يراؤون بأعمالهم، والشهوة الخفية أن يصبح أحدهم صائماً فتعرض له شهوة من شهواته فيترك صومه" . (حديث آخر): قال الإمام أحمد، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن الله عزَّ وجلَّ أنه قال: "أنا خير الشركاء، فمن عمل عملاً أشرك فيه غيري فأنا بريء منه وهو للذي أشرك" . (حديث آخر): قال الإمام أحمد، عن أبي سعيد بن أبي فضالة الأنصاري، وكان من الصحابة أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا جمع الله الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه نادى مناد: من كان أشرك في عمل عمله لله أحداً فليطلب ثوابه من عند غير الله، فإن الله أغنى الشركاء عن الشرك" . (حديث آخر): عن أنَس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تعرض أعمال بني آدم بين يدي الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة، في صحف مختمة، فيقول الله: ألقوا هذا واقبلوا هذا، فتقول الملائكة: يا رب، والله ما رأينا منه إلاّ خيراً، فيقول: إن عمله كان لغير وجهي، ولا أقبل اليوم من العمل إلاّ ما أريد به وجهي" . وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أحسن الصلاة حيث يراه الناس وأساءها حيث يخلو فتلك استهانة استهان بها ربه عزّ وجلّ" .