خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ ٱسْجُدُواْ لأَدَمَ فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً
٥٠
-الكهف

مختصر تفسير ابن كثير

يقول تعالى منبهاً بني آدم على عداوة إبليس لهم ولأبيهم من قبلهم، ومقرعاً لمن اتبعه منهم وخالف خالقه ومولاه، فقال تعالى: { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاۤئِكَةِ } أي لجميع الملائكة كما تقدم تقريره في أول سورة البقرة { ٱسْجُدُواْ لأَدَمََ } أي سجود تشريف وتكريم وتعظيم، كما قال تعالى: { { وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلآئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } [الحجر: 28-29]، وقوله { فَسَجَدُوۤاْ إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ ٱلْجِنِّ } أي خانه أصله، فإنه خلق من مارج من نار، وأصل خلق الملائكة من نور، كما ثبت في "صحيح مسلم": "خلقت الملائكة من نور وخلق إبليس من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم" . ونبَّه تعالى هٰهنا على أنه من الجن، أي على أنه خلق من نار كما قال: { { أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } [ص: 76]، قال الحسن البصري: ما كان إبليس من الملائكة طرفة عين قط، وإنه لأصل الجن، كما أنّ آدم عليه السلام أصل البشر. وقوله: { فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ } أي فخرج عن طاعة الله فإن الفسق هو الخروج، يقال فسقت الرطبة إذا خرجت من أكمامها، وفسقت الفأرة من جحرها، إذا خرجت منه للعيث والفساد، ثم قال تعالى مقرعاً وموبخاً لمن اتبعه وأطاعه { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِي } أي بدلاً عني، ولهذا قال: { بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً }، وهذا المقام كقوله بعد ذكر القيامة وأهوالها، ومصير كل من الفريقين السعداء والأشقياء في سورة يس: { { وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ } [يس: 59] إلى قوله { { أَفَلَمْ تَكُونُواْ تَعْقِلُونَ } [يس: 62].