خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَكَذٰلِكَ أَنزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً
١١٣
فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْءانِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً
١١٤
-طه

مختصر تفسير ابن كثير

يقول تعالى: ولما كان يوم المعاد والجزاء واقعاً لا محالة أنزلنا القرآن بشيراً ونذيراً بلسان عربي مبين { صَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ ٱلْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } أي يتركون المآثم والمحارم والفواحش { أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً } وهو إيجاد الطاعة وفعل القربات، { فَتَعَٰلَى ٱللَّهُ ٱلْمَلِكُ ٱلْحَقُّ } أي تنزه وتقدس الملك الحق، الذي وعده حق ووعيده حق، وعدله تعالى أن لا يعذب أحداً قبل الإنذار وبعثه الرسل لئلا يبقى لأحد حجة ولا شبهة، وقوله: { وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ }، كقوله تعالى: { { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ } [القيامة: 16-17] وثبت في "الصحيح" عن ابن عباس: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعالج من الوحي شدة، فكان مما يحرك به لسانه، فأنزل الله هذه الآية يعني أنه عليه السلام كان إذا جاءه جبريل بالوحي، كلما قال جبريل آية قالها معه، من شدة حرصه على حفظ القرآن فأرشده الله تعالى إلى ما هو الأسهل والأخف في حقه لئلا يشق عليه فقال: { { لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ * إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ } [القيامة: 16-17] أي أن نجمعه في صدرك ثم تقرأه على الناس من غير أن تنسى منه شيئاً، { { فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَٱتَّبِعْ قُرْآنَهُ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ } [القيامة: 18-19]، وقال في هذه الآية: { وَلاَ تَعْجَلْ بِٱلْقُرْآنِ مِن قَبْلِ أَن يُقْضَىٰ إِلَيْكَ وَحْيُهُ } أي بل انصت، فإذا فرغ الملك من قراءته عليك فاقرأه بعده، { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً } أي زدني منك علماً، ولم يزل صلى الله عليه وسلم في زيادة حتى توفاه الله عزَّ وجلَّ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اللهم انفعني بما علمتني وعلمني ما ينفعني وزدني علماً والحمد لله على كل حال" .