خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ
٢٣
وَهُدُوۤاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلْقَوْلِ وَهُدُوۤاْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْحَمِيدِ
٢٤
-الحج

مختصر تفسير ابن كثير

لما أخبر تعالى عن حال أهل النار، وما هم فيه من العذاب والنكال، والحريق والأغلال، وما أعد لهم من الثياب من النار، ذكر حال أهل الجنة فقال: { إِنَّ ٱللَّهَ يُدْخِلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ } أي تتخرق في أكنافها وأرجائها وجوانبها، وتحت أشجارها وقصورها يصرفونها حيث شاءوا وأين أرادوا، { يُحَلَّوْنَ فِيهَا } من الحيلة، { مِنْ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤاً } أي في أيديهم، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه: "تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء" . وقوله: { وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ } في مقابلة ثياب أهل النار التي فصلت لهم، لباس هؤلاء من الحرير استبرقه وسندسه، كما قال: { { عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ } [الإنسان: 21]، وفي الصحيح: "لا تلبسوا الحرير ولا الديباج في الدنيا فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة" ، وقال عبد الله بن الزبير: من لم يلبس الحرير في الآخرة لم يدخل الجنة، قال الله تعالى: { وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ }، وقوله: { وَهُدُوۤاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلْقَوْلِ } كقوله تعالى: { وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِّن كُلِّ بَابٍ * سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَىٰ ٱلدَّارِ } [الرعد: 23-24]، وقوله: { { لاَ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ تَأْثِيماً * إِلاَّ قِيلاً سَلاَماً سَلاَماً } [الواقعة: 25-26] فهدوا إلى المكان الذي يسمعون فيه الكلام الطيب، { { وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً } [الفرقان: 75] لا كما يهان أهل النار بالكلام الذي يوبخون به ويقرعون به، يقال لهم: { { وَذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } [الحج: 22]، وقوله: { وَهُدُوۤاْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْحَمِيدِ } أي إلى المكان الذي يحمدون فيه ربهم على ما أحسن إليهم، وأنعم به وأسداه إليهم، كما جاء في الحديث الصحيح: "أنهم يلهمون التسبيح والتحميد كما يلهموا النفس" ، وقد قال بعض المفسرين في قوله: { وَهُدُوۤاْ إِلَى ٱلطَّيِّبِ مِنَ ٱلْقَوْلِ } أي القرآن وقيل: لا إلٰه إلا الله وقيل: الأذكار المشروعة { وَهُدُوۤاْ إِلَىٰ صِرَاطِ ٱلْحَمِيدِ } أي الطريق المستقيم في الدنيا، وكل هذا لا ينافي ما ذكرناه، والله أعلم.