خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ
٣٦
رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلاَةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَـاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلأَبْصَارُ
٣٧
لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُمْ مِّن فَضْلِهِ وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ
٣٨
-النور

مختصر تفسير ابن كثير

لما ضرب الله تعالى مثل قلب المؤمن وما فيه من الهدى والعلم، بالمصباح في الزجاجة الصافية المتوقد من زيت طيب وذلك كالقنديل مثلاً، ذكر محلها وهي المساجد التي هي أحب البقاع إلى الله تعالى من الأرض، وهي بيوته التي يعبد فيها ويوحد، فقال تعالى: { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ } أي أمر الله تعالى بتعاهدها وتطهيرها من الدنس واللغو، والأقوال والأفعال التي لا تليق فيها، كما قال ابن عباس: نهى الله سبحانه عن اللغو فيها وقال قتادة: هي هذه المساجد أمر الله سبحانه وتعالى ببنائها وعمارتها ورفعها وتطهيرها، وقد ذكر لنا أن كعباً كان يقول: مكتوب في التوراة إن بيوتي في الأرض المساجد، وإنه من توضأ فأحسن وضوءه، ثم زارني في بيتي أكرمته، وحقٌ على المزور كرامة الزائر. وقد وردت أحاديث كثيرة في بناء المساجد واحترامها وتوقيرها وتطييبها وتبخيرها، فعن أمير المؤمنين (عثمان بن عفان) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من بنى مسجداً يبتغي به وجه الله بنى الله له مثله في الجنة" ، وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من بنى مسجداً يذكر فيه اسم الله بنى الله له بيتاً في الجنة" وعن عائشة رضي الله عنها: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المساجد في الدور، وأن تنظّف وتطيب. وعن أنس رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد" وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا: لا أربح الله تجارتك؛ وإذا رأيتم من ينشد ضالة في المسجد فقولوا: لا ردها الله عليك" .
وقد روى ابن ماجه وغيره من حديث ابن عمر مرفوعاً قال: خصال لا تنبغي في المسجد: لا يتخذ طريقاً، ولا يشهر فيه سلاح، ولا ينبض فيه بقوس، ولا ينثر فيه نبل، ولا يمر فيه بلحم نيء، ولا يضرب فيه حد، ولا يقتص فيه أحد، ولا يتخذ سوقاً. وعن واثلة بن الأسقع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جنبوا المساجد صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم، وخصوماتكم، ورفع أصواتكم، وإقامة حدودكم وسل سيوفكم، واتخذوا على أبوابها المطاهر، وجمروها في الجمع" . أما أنه لا يتخذ طريقاً فقد كره بعض العلماء المرور فيه إلاّ لحاجة إذا وجد مندوحة عنه؛ وفي الأثر: إن الملائكة لتتعجب من الرجل يمر بالمسجد لا يصلي فيه؛ وأما أنه لا يشهر فيه السلاح ولا ينبض فيه بقوس ولا ينثر فيه نبل، فلما يخشى من إصابة بعض الناس به، وأما النهي عن المرور باللحم النيء فيه فلما يخشى من تقاطر الدم منه، وأما أنه لا يضرب فيه حد ولا يقتص منه فلما يخشى من إيجاد النجاسة فيه من المضروب أو المقطوع، وأما أنه لا يتخذ سوقاً فلما تقدم من النهي عن البيع والشراء فيه، فإنه إنما بني لذكر الله والصلاة فيه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الأعرابي الذي بال في طائفة المسجد: "إن المساجد لم تبن لهذا إنما بنيت لذكر الله والصلاة فيها" ، وفي الحديث الثاني: "جنبوا مساجدكم صبيانكم" وذلك لأنهم يلعبون فيه ولا يناسبهم؛ وقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا رأى صبياناً يلعبون في المسجد ضربهم بالمخفقة وهي الدرة، وكان يفتش المسجد بعد العشاء فلا يترك فيه أحداً، "ومجانينكم" يعني لأجل ضعف عقولهم، وسخر الناس بهم، فيؤدي إلى اللعب فيها ولما يخشى من تقذيرهم المسجد ونحو ذلك "وبيعكم وشراءكم" كما تقدم، "وخصوماتكم" يعني التحاكم والحكم فيه؛ ولهذا نص كثير من العلماء على أن الحاكم لا ينتصب لفصل الأقضية في المسجد، بل يكون في موضع غيره لما فيه من كثرة الحكومات والتشاجر والألفاظ التي لا تناسبه؛ ولهذا قال بعده: "ورفع أصواتكم".
وروى البخاري عن السائب بن يزيد الكندي قال: كنت قائماً في المسجد فحصبني رجل، فنظرت فإذا عمر بن الخطاب فقال: اذهب فائتني بهذين، فجئته بهما فقال: من أنتما؟ أو من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف، قال: لو كنتما من أهل البلد لأوجعتكما، ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال النسائي: سمع عمر صوت رجل في المسجد فقال: أتدري أين أنت؟ وقوله: "واتخذوا على أبوابها المطاهر" يعني المراحيض التي يستعان بها على الوضوء وقضاء الحاجة، وقد كانت قريباً من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم آبار يستقون منها فيشربون ويتطهرون ويتوضأون وغير ذلك، وقوله: "وجمروها في الجمع" يعني بخروها في أيام الجمع لكثرة اجتماع الناس يومئذٍ، وقد روى الحافظ أبو يعلى الموصلي عن ابن عمر: أن عمر كان يجمر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم كل جمعة، وقد ثبت في "الصحيحين" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"صلاة الرجل في الجماعة تضعف على صلاته في بيته وفي سوقه خمساً وعشرين ضعفاً. وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء، ثم خرج إلى المسجد لا يخرجه إلاّ الصلاة لم يخط خطوة إلاّ رفع له بها درجة وحط عنه بها خطيئة، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه: اللهم صل عليه، اللهم ارحمه، ولا يزال في صلاة ما انتظر الصلاة" وعند الدارقطني مرفوعاً: "لا صلاة لجار المسجد إلاّ في المسجد" ، وفي السنن: "بشر المشائين إلى المساجد في الظلم بالنور التام يوم القيامة" .
ويستحب لمن دخل المسجد أن يبدأ برجله اليمنى، وأن يقول كما ثبت في "صحيح البخاري" عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دخل المسجد يقول: "أعوذ بالله العظيم، وبوجهه الكريم وسلطانه القديم، من الشيطان الرجيم" قال: فإذا قال ذلك قال الشيطان حفظ مني سائر اليوم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليقل: اللهم إني أسألك من فضلك" ، وعن أبي هريرة: رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دخل أحدكم المسجد فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: اللهم افتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وليقل: اللهم اعصمني من الشيطان الرجيم" ، وعن فاطمة بنت الحسين عن جدتها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد صلى على محمد وسلم، ثم قال: اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك، وإذا خرج صلى على محمد وسلم، ثم قال: اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك" ، فهذا الذي ذكرناه داخل في قوله تعالى: { فِي بُيُوتٍ أَذِنَ ٱللَّهُ أَن تُرْفَعَ } وقوله: { وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ } أي اسم الله، كقوله: { { وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَٱدْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ } [الأعراف: 29]، وقوله: { { وَأَنَّ ٱلْمَسَاجِدَ لِلَّهِ } [الجن: 18] الآية، وقوله تعالى: { وَيُذْكَرَ فِيهَا ٱسْمُهُ } قال ابن عباس: يعني يتلى كتابه، وقوله تعالى: { يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ } أي في البكرات والعشيات، والآصال جمع أصيل وهو آخر النهار، وقال ابن عباس: كل تسبيح في القرآن هو الصلاة، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس: يعني الغدو صلاة الغداة، ويعني بالآصال صلاة العصر، وهما أول ما افترض الله من الصلاة، فأحب أن يذكرهما وأن يذكر بهما عباده، وعن الحسن والضحاك { يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِٱلْغُدُوِّ وَٱلآصَالِ }: يعني الصلاة.
وقوله تعالى: { رِجَالٌ } فيه إشعار بهممهم السامية، ونياتهم وعزائمهم العالية، التي بها صاروا عماراً للمساجد، التي هي بيوت الله في أرضه، ومواطن عبادته وشكره، وتوحيده وتنزيهه، كما قال تعالى:
{ { مِّنَ ٱلْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُواْ مَا عَاهَدُواْ ٱللَّهَ عَلَيْهِ } [الأحزاب: 23] الآية. وأما النساء فصلاتهن في بيوتهن أفضل لهن، لما رواه أبو داود عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها" ، وعن أم سلمة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "خير مساجد النساء قعر بيوتهن" . وروى أحمد "عن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، قال: قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي قال: فأمرت فبنى لها مسجد في أقصى بيت من بيوتها" ، فكانت والله تصلي فيه حتى لقيت الله تعالى. ويجوز للمرأة شهود جماعة الرجال بشرط أن لا تؤذي أحداً من الرجال بظهور زينة ولا ريح طيب. كما ثبت في الصحيح: "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" ، وفي رواية: "وليخرجن وهن تفلات" أي لا ريح لهن، وقد ثبت في "صحيح مسلم" عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود قالت: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا شهدت إحداكن المسجد فلا تمس طيباً" ، وفي "الصحيحين" عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان نساء المؤمنين يشهدن الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يرجعن متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس، وفي "الصحيحين" عنها أيضاً أنها قالت: لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن من المساجد كما منعت نساء بني إسرائيل.
وقوله تعالى: { رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ }، كقوله تعالى:
{ { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } [المنافقون: 9] الآية، يقول تعالى: لا تشغلهم الدنيا وزخرفها وزينتها وملاذ بيعها وربحها عن ذكر ربهم، لأن الذي عنده خير لهم وأنفع مما بأيديهم، ولهذا قال تعالى: { رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ وَإِقَامِ ٱلصَّلاَةِ وَإِيتَآءِ ٱلزَّكَـاةِ } أي يقدمون طاعته ومراده ومحبته على مرادهم ومحبتهم، روى عمرو بن دينار: أن ابن عمر رضي الله عنهما كان في السوق فأقيمت الصلاة، فأغلقوا حوانيتهم ودخلوا المسجد، فقال ابن عمر: فيهم نزلت: { رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ }، وقال ابن أبي حاتم قال أبو الدرداء رضي الله عنه: إني قمت على هذا الدرج أبايع عليه، أربح كل يوم ثلثمائة دينار، أشهد الصلاة في كل يوم في المسجد، أما إني لا أقول إن ذلك ليس بحلال، ولكني أحب أن أكون من الذين قال الله فيهم: { رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ }. وقال عمرو بن دينار الأعور: كنت مع سالم بن عبد الله ونحن نريد المسجد فمررنا بسوق المدينة، وقد قاموا إلى الصلاة وخمروا متاعهم، فنظر سالم إلى أمتعتهم ليس فيها أحد، فتلا سالم هذه الآية: { رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } ثم قال: هم هؤلاء؛ وقال الضحاك: لا تلهيهم التجارة والبيع أن يأتوا الصلاة في وقتها، وقال مطر الوراق: كانوا يبيعون ويشترون ولكن كان أحدهم إذا سمع النداء وميزانه في يده خفضه وأقبل إلى الصلاة، وقال ابن عباس { لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ ٱللَّهِ } يقول: عن الصلاة المكتوبة، وقال السدي: عن الصلاة في جماعة، وقال مقاتل بن حيان: لا يلهيهم ذلك عن حضور الصلاة وأن يقيموها كما أمرهم الله، وأن يحافظوا على مواقيتها وما استحفظهم الله فيها.
وقوله تعالى: { يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلأَبْصَارُ } أي يوم القيامة الذي تتقلب فيه القلوب والأبصار: أي من شدة الفزع وعظمة الأهوال، كقوله:
{ { إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ ٱلأَبْصَارُ } [إبراهيم: 42]، وقال تعالى: { { إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً } [الإنسان: 10]، وقوله تعالى هٰهنا: { لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ } أي هؤلاء من الذين يتقبل حسناتهم ويتجاوز عن سيئاتهم. وقوله: { وَيَزِيدَهُمْ مِّن فَضْلِهِ } أي يتقبل منهم الحسن ويضاعفه لهم كما قال تعالى: { { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا } [الأنعام: 160] الآية، وقال: { { مَّن ذَا ٱلَّذِي يُقْرِضُ ٱللَّهَ قَرْضاً حَسَناً } [البقرة: 245] الآية، وقال: { { وَٱللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَآءُ } [البقرة: 261]، وقال هٰهنا: { وَٱللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ }، وعن ابن مسعود أنه جيء بلبن فعرضه على جلسائه واحداً واحداً فكلهم لم يشربه لأنه كان صائماً، فتناوله ابن مسعود فشربه لأنه كان مفطراً، ثم تلا قوله: { يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ ٱلْقُلُوبُ وَٱلأَبْصَارُ }، وفي الحديث: "إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة، جاء مناد فنادى بصوت يسمع الخلائق: سيعلم أهل الجمع من أولى بالكرم، ليقم الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، فيقومون وهم قليل، ثم يحاسب سائر الخلائق" . وروى الطبراني عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله { { لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُم مِّن فَضْلِهِ } [فاطر: 30] قال: أجورهم يدخلم الجنة، ويزيدهم من فضله الشفاعة لمن وجبت له الشفاعة لمن صنع لهم المعروف في الدنيا.