خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلسَّمَآءُ بِٱلْغَمَامِ وَنُزِّلَ ٱلْمَلاَئِكَةُ تَنزِيلاً
٢٥
ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ وَكَانَ يَوْماً عَلَى ٱلْكَافِرِينَ عَسِيراً
٢٦
وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يٰلَيْتَنِي ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلاً
٢٧
يَٰوَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً
٢٨
لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً
٢٩
-الفرقان

مختصر تفسير ابن كثير

يخبر تعالى عن هول يوم القيامة وما يكون فيه من الأمور العظيمة، فمنها انشقاق السماء وتفطرها، وانفراجها بالغمام وهو ظلل النور العظيم الذي يبهر الأبصار، ونزول ملائكة السماوات يومئذٍ، فيحيطون بالخلائق في مقام المحشر. ثم يجيء الرب تبارك وتعالى لفصل القضاء، قال مجاهد: وهذا كما قال تعالى: { { هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ أَن يَأْتِيَهُمُ ٱللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِّنَ ٱلْغَمَامِ وَٱلْمَلاۤئِكَةُ } [البقرة: 210] الآية. قال شهر بن حوشب: حملة العرش ثمانية، أربعة منهم يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك. لك الحمد على حلمك بعد علمك، وأربعة منهم يقولون: سبحانك اللهم وبحمدك، لك الحمد على عفوك بعد قدرتك.
وقوله تعالى: { ٱلْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ ٱلْحَقُّ لِلرَّحْمَـٰنِ } الآية. كما قال تعالى:
{ { لِّمَنِ ٱلْمُلْكُ ٱلْيَوْمَ لِلَّهِ ٱلْوَاحِدِ ٱلْقَهَّارِ } [غافر: 16] وفي "الصحيح": أن الله تعالى يطوي السماوات بيمينه. ويأخذ الأرضين بيده الأخرى ثم يقول: أنا الملك، أنا الديان، أين ملوك الأرض؟ أين الجبارون؟ أين المتكبرون؟. وقوله: { وَكَانَ يَوْماً عَلَى ٱلْكَافِرِينَ عَسِيراً } أي شديداً صعباً لأنه يوم عدل وقضاء فصل. كما قال تعالى: { { فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ * عَلَى ٱلْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ } [المدثر: 9-10] فهذا حال الكافرين في هذا اليوم. وأما المؤمنون فكما قال تعالى: { { لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ } [الأنبياء: 103] الآية، وروى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري قال، قيل: يا رسول الله { { يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } [المعارج: 4] ما أطول هذا اليوم! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده إنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة يصليها في الدنيا" . وقوله تعالى: { وَيَوْمَ يَعَضُّ ٱلظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ } الآية، يخبر تعالى عن ندم الظالم الذي فارق طريق الرسول صلى الله عليه وسلم، وما جاء من عند الله من الحق المبين الذي لا مرية فيه، وسلك طريقاً أخرى غير سبيل الرسول، فإذا كان يوم القيامة ندم حيث لا ينفعه الندم، وعض على يديه حسرة وأسفاً، وسواء كان سبب نزولها في عقبة بن معيط، أو غيره من الأشقياء، فإنها عامة في كل ظالم كما قال تعالى: { { يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ } [الأحزاب: 66] الآيتين، فكل ظالم يندم يوم القيامة غاية الندم، ويعض على يديه قائلاً { يٰلَيْتَنِي ٱتَّخَذْتُ مَعَ ٱلرَّسُولِ سَبِيلاً * يَٰوَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَناً خَلِيلاً } يعني من صرفه عن الهدى وعدل به إلى طريق الضلال من دعاة الضلالة، وسواء في ذلك (أمية بن خلف) أو أخوه (أُبي بن خلف) أو غيرهما { لَّقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ ٱلذِّكْرِ } وهو القرآن { بَعْدَ إِذْ جَآءَنِي } أي بعد بلوغه إليَّ قال الله تعالى: { وَكَانَ ٱلشَّيْطَانُ لِلإِنْسَانِ خَذُولاً } أي يخذله عن الحق ويصرفه عنه ويستعمله في الباطل ويدعوه إليه.