خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

طسۤمۤ
١
تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ
٢
لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ
٣
إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ
٤
وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ
٥
فَقَدْ كَذَّبُواْ فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ
٦
أَوَلَمْ يَرَوْاْ إِلَى ٱلأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ
٧
إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُّؤْمِنِينَ
٨
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ
٩
-الشعراء

مختصر تفسير ابن كثير

أما الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور فقد تكلمنا عليه في أول تفسير سورة البقرة، وقوله تعالى: { تِلْكَ آيَاتُ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } أي هذه آيات القرآن المبين، أي البيِّن الواضح الجلي، الذي يفصل بين الحق والباطل والغي والرشاد، وقوله تعالى: { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ } أي مهلك { نَّفْسَكَ } أي مما تحرص وتحزن عليهم { أَلاَّ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ }، وهذه تسلية من الله لرسوله صلى الله عليه وسلم في عدم إيمان من لم يؤمن به من الكفار، كما قال تعالى: { { فَلاَ تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ } [فاطر: 8]، كقوله: { { فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَىٰ آثَارِهِمْ } [الكهف: 6] الآية. قال مجاهد وعكرمة { لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ }: أي قاتل نفسك، ثم قال تعالى: { إِن نَّشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِّنَ ٱلسَّمَآءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ } أي لو نشاء لأنزلنا آية تضطرهم إلى الإيمان قهراً، ولكن لا نفعل ذلك لأنا لا نريد من أحد إلاّ الإيمان الاختياري، وقال تعالى: { { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي ٱلأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً } [يونس: 99]، وقال تعالى: { { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً } [هود: 118] الآية، فنفذ قدره ومضت حكمته، وقامت حجته البالغة على خلقه بإرسال الرسل إليهم وإنزال الكتب عليهم، ثم قال تعالى: { وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ ٱلرَّحْمَـٰنِ مُحْدَثٍ إِلاَّ كَانُواْ عَنْهُ مُعْرِضِينَ } أي كلما جاءهم كتاب من السماء أعرض عنه أكثر الناس كما قال تعالى: { { وَمَآ أَكْثَرُ ٱلنَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } [يوسف: 103]، وقال تعالى: { { يٰحَسْرَةً عَلَى ٱلْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِّن رَّسُولٍ إِلاَّ كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } [يس: 30]، وقال تعالى: { { كُلَّ مَا جَآءَ أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ } [المؤمنون: 44] الآية. ولهذا قال تعالى هٰهنا: { فَقَدْ كَذَّبُواْ فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاءُ مَا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ } أي فقد كذبوا بما جاءهم من الحق، فسيعلمون نبأ هذا التكذيب بعد حين، ثم نبَّه تعالى على عظمة سلطانه وجلالة قدره، وهو القاهر العظيم القادر الذي خلق الأرض وأنبت فيها من كل زوج كريم، من زروع وثمار وحيوان، قال الشعبي: الناس من نبات الأرض، فمن دخل الجنة فهو كريم، ومن دخل النار فهو لئيم، { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً } أي دلالة على قدرة الخالق للأشياء، الذي بسط الأرض، ورفع بناء السماء ومع هذا ما آمن أكثر الناس، بل كذبوا به وبرسله، وقوله: { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ } أي الذي عز كل شيء وقهره وغلبه، { ٱلرَّحِيمُ } أي بخلقه فلا يعجل على من عصاه بل يؤجله وينظره ثم يأخذ أخذ عزيز مقتدر، قال أبو العالية: العزيز في نقمته وانتصاره ممن خالف أمره وعبد غيره الرحيم بمن تاب إليه وأناب.