خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ
٤٤
ٱتْلُ مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ
٤٥
-العنكبوت

مختصر تفسير ابن كثير

يقول تعالى مخبراً عن قدرته العظيمة أنه خلق السماوات والأرض بالحق، يعني لا على وجه العبث واللعب { لِتُجْزَىٰ كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَىٰ } [طه: 15]، { لِيَجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِيَ ٱلَّذِينَ أَحْسَنُواْ بِٱلْحُسْنَى } [النجم: 31]، وقوله تعالى: { إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ } أي لدلالة واضحة على أنه تعالى المتفرد بالخلق والتدبير والإلٰهية، ثم قال تعالى آمراً رسوله والمؤمنين بتلاوة القرآن وهو قراءته وإبلاغه للناس، { وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } يعني أن الصلاة تشتمل على شيئين على ترك الفواحش والمنكرات، أي مواظبتها تحمل على ترك ذلك، وقد جاء في الحديث عن ابن عباس مرفوعاً: "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم تزده من الله إلاّ بعداً" .
(ذكر الآثار الواردة في ذلك)
روى ابن أبي حاتم عن عمران بن حصين قال:
"سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن قول الله { إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ }؟ قال: من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر فلا صلاة له" ، وعن ابن عباس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد بها من الله إلاّ بعداً" . وروى الحافظ أبو بكر البزار قال، "قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن فلاناً يصلي بالليل فإذا أصبح سرق، قال: إنه سينهاه ما تقول" ، وتشتمل الصلاة أيضاً على ذكر الله تعالى وهو المطلوب الأكبر، ولهذا قال تعالى: { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } أي أعظم من الأول { وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } أي يعلم جميع أعمالكم وأقوالكم، وقال أبو العالية: إن الصلاة فيها ثلاث خصال، فكل صلاة لا يكون فيها شيء من هذه الخلال فليست بصلاة: الإخلاص، والخشية، وذكر الله، فالإخلاص يأمره بالمعروف، والخشية تنهاه عن المنكر، وذكر الله (القرآن) يأمره وينهاه، وقال ابن عون الأنصاري: إذا كنت في صلاة فأنت في معروف وقد حجزتك عن الفحشاء والمنكر والذي أنت فيه من ذكر الله أكبر، وعن ابن عباس في قوله تعالى: { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ } يقول: ولذكر الله لعباده أكبر إذا ذكروه من ذكرهم إياه.وعنه أيضاً قال: لها وجهان: ذكر الله عندما حرمه، قال: وذكر الله إياكم أعظم من ذكركم إياه، وعن عبد الله بن ربيعة قال، قال لي ابن عباس: هل تدري ما قوله تعالى: { وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ }؟ قال، قلت: نعم، قال: فما هو؟ قلت: التسبيح والتحميد والتكبير في الصلاة وقراءة القرآن ونحو ذلك، قال: لقد قلت قولاً عجيباً وما هو كذلك، ولكنه إنما يقول: ذكر الله إياكم عندما أمر به أو نهى عنه إذا ذكرتموه أكبر من ذكركم أياه، وقد روي هذا من غير وجه عن ابن عباس، واختاره ابن جرير.