خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

فَسُبْحَانَ ٱللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ
١٧
وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ
١٨
يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ وَيُحْي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ
١٩
-الروم

مختصر تفسير ابن كثير

هذا تسبيح منه تعالى لنفسه المقدسة، وإرشاد لعباده إلى تسبيحه وتحميده في هذه الأوقات المتعاقبة، الدالة على كمال قدرته وعظيم سلطانه، عند المساء وهو إقبال الليل بظلامه، وعند الصباح وهو إسفار النهار بضيائه، ثم اعترض بحمده مناسبة للتسبيح وهو التحميد، فقال تعالى: { وَلَهُ ٱلْحَمْدُ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ } أي هو المحمود على ما خلق في السماوات والأرض، ثم قال تعالى: { وَعَشِيّاً وَحِينَ تُظْهِرُونَ } فالعَشاء هو شدة الظلام والإظهار هو قوة الضياء، كما قال تعالى: { وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلاَّهَا * وَٱللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا } [الشمس: 3-4]، وقال تعالى: { وَٱلْلَّيْلِ إِذَا يَغْشَىٰ * وَٱلنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّىٰ } [الليل: 1-2]، وقال تعالى: { وَٱلضُّحَىٰ * وَٱللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ } [الضحى: 1-2] والآيات في هذا كثيرة. وفي الحديث: "ألا أخبركم لم سمى الله إبراهيم خليله الذي وفَّى، لأنه كان يقول كلما أصبح وكلما أمسى: سبحان الله حين تمسون وحين تصبحون وله الحمد في السماوات والأرض وعشياً وحين تظهرون" . وقوله تعالى: { يُخْرِجُ ٱلْحَيَّ مِنَ ٱلْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ ٱلْمَيِّتَ مِنَ ٱلْحَيِّ } هو ما نحن فيه من قدرته على خلق الأشياء المتقابلة، فإنه يذكر خلقه الأشياء وأضدادها ليدل على كمال قدرته، فمن ذلك إخراج النبات من الحب، والحب من النبات، والبيض من الدجاج، والدجاج من البيض، والإنسان من النطفة، والنطفة من الإنسان، والمؤمن من الكافر، والكافر من المؤمن. وقوله تعالى: { وَيُحْي ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا }، كقوله تعالى: { وَآيَةٌ لَّهُمُ ٱلأَرْضُ ٱلْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ } [يس: 33]، وقال تعالى: { وَتَرَى ٱلأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَآ أَنزَلْنَا عَلَيْهَا ٱلْمَآءَ ٱهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنبَتَتْ مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } [الحج: 5]، ولهذا قال: { وَكَذَلِكَ تُخْرَجُونَ }.