خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ
٦
وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ ءَايَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِيۤ أُذُنَيْهِ وَقْراً فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ
٧
-لقمان

مختصر تفسير ابن كثير

لما ذكر تعالى حال السعداء، وهم الذين يهتدون بكتاب الله وينتفعون بسماعه عطف بذكر حال الأشقياء، الذين أعرضوا عن الانتفاع بسماع كلام الله، وأقبلوا على استماع المزامير والغناء، بالألحان وآلات الطرب. روى ابن جرير عن أبي الصهباء البكري أنه سمع عبد الله بن مسعود وهو يسأل عن هذه الآية: { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } فقال عبد الله ابن مسعود: الغناء، والله الذي لا إلٰه إلاّ هو، يرددها ثلاث مرات، وقال الحسن البصري: نزلت هذه الآية { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ } في الغناء والمزامير، وقيل: أراد بقوله: { يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ } اشتراء المغنيات من الجواري، قال ابن أبي حاتم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "لا يحل بيع المغنيات، ولا شراؤهن، وأكل أثمانهن حرام، وفيهن أنزل الله عزَّ وجلَّ عليَّ: { وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ }" ، قال الضحّاك: { لَهْوَ ٱلْحَدِيثِ } يعني الشرك، وبه قال ابن أسلم، واختار ابن جرير أنه كل كلام يصد عن آيات الله واتباع سبيله، وقوله: { لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ } أي إنما يصنع هذا للتخالف للإسلام وأهله، وقوله تعالى: { وَيَتَّخِذَهَا هُزُواً } قال مجاهد: ويتخذ سبيل الله هزواً يستهزىء بها، وقال قتادة: يعني ويتخذ آيات الله هزواً. وقول مجاهد أولى. وقوله: { أُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ } أي كما استهانوا بآيات الله وسبيله، أهينوا يوم القيامة في العذاب الدائم المستمر، ثم قال تعالى: { وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا وَلَّىٰ مُسْتَكْبِراً كَأَن لَّمْ يَسْمَعْهَا كَأَنَّ فِيۤ أُذُنَيْهِ وَقْراً } أي هذا المقبل على اللهو واللعب والطرب، إذا تليت عليه الآيات القرآنية، ولى عنها وأعرض وأدبر، وتصامم وما به من صمم، كأنه ما سمعها لأنه يتأذى بسماعها، إذ لا انتفاع له بها ولا أرب له فيها، { فَبَشِّرْهُ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } أي يوم القيامة يؤلمه كما تألم بسماع كتاب الله وآياته.