خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ
٥٩
أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يٰبَنِيۤ ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ
٦٠
وَأَنِ ٱعْبُدُونِي هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ
٦١
وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً أَفَلَمْ تَكُونُواْ تَعْقِلُونَ
٦٢
-يس

مختصر تفسير ابن كثير

يقول تعالى مخبراً عما يؤول إليه حال الكفار يوم القيامة، من أمره لهم (أن يمتازوا) بمعنى يتميزوا عن المؤمنين في موقفهم، كقوله تعالى: { ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُواْ مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَآؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ } [يونس: 28]، وقال عزّ وجلّ: { وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ يَوْمَئِذٍ يَتَفَرَّقُونَ } [الروم: 14]، وقال: { يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ } [الروم: 43] أي يصيرون صدعين فرقتين، وقوله تعالى: { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يٰبَنِيۤ ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } هذا تقريع من الله تعالى للكفرة من بني آدم، الذين أطاعوا الشيطان وهو عدوّ لهم مبين، وعصوا الرحٰمن وهو الذي خلقهم ورزقهم، ولهذا قال تعالى: { وَأَنِ ٱعْبُدُونِي هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } أي قد أمرتكم في دار الدنيا بعصيان الشيطان وأمرتكم بعبادتي، وهذا هو الصراط المستقيم، فسلكتم غير ذلك واتبعتم الشيطان فيما أمركم به، ولهذا قال عزّ وجلّ: { وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلاًّ كَثِيراً } يقال: جبلاً بكسر الجيم وتشديد اللام، والمراد بذلك الخلق الكثير، وقوله تعالى: { أَفَلَمْ تَكُونُواْ تَعْقِلُونَ } أي أفما كان لكم عقل في مخالفة ربكم فيما أمركم به وعدولكم إلى اتباع الشيطان؟ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا كان يوم القيامة أمر الله تعالى جهنم فيخرج منها عنق ساطع مظلم يقول: { وَٱمْتَازُواْ ٱلْيَوْمَ أَيُّهَا ٱلْمُجْرِمُونَ } فيتميز الناس ويجثون، وهي التي يقول الله عزّ وجلّ: { وَتَرَىٰ كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً كُلُّ أمَّةٍ تُدْعَىٰ إِلَىٰ كِتَابِهَا ٱلْيَوْمَ تُجْزَوْنَ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }" .