خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَقَالَ رَبُّكُـمُ ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ
٦٠
-غافر

مختصر تفسير ابن كثير

هذا من فضله تبارك وتعالى وكرمه، أنه ندب عباده إلى دعائه، وتكفل لهم بالإجابة، قال كعب الأحبار: أعطيت هذه الأمة ثلاثاً لم تعطهن أمة قبلها إلا نبي: كان إذا أرسل الله نبياً قال له: أنت شاهد على أمتك، وجعلكم شهداء على الناس، وكان يقال له: ليس عليك في الدين من حرج، وقال لهذه الأمة: { وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي ٱلدِّينِ مِنْ حَرَجٍ } [الحج: 78] وكان يقال له: ادعني أستجب لك، وقال لهذه الأمة: { ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ }، وروى الإمام أحمد، عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الدعاء هو العبادة" ثم قرأ: { ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ }، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من لم يَدْعُ الله عزّ وجلّ غضب عليه" . وروى الحافظ الرامهرمزي، عن محمد بن سعيد قال: لما مات محمد بن مسلمة الأنصاري، وجدنا في ذؤابة سيفه كتاباً، بسم الله الرحمٰن الرحيم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن لربكم في بقية أيام دهركم نفحات فتعرضوا له، لعل دعوة أن توافق رحمة فيسعد بها صاحبها سعادة لا يخسر بعدها أبداً" ، وقوله عزّ وجلّ: { إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي } أي عن دعائي وتوحيدي، { سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ } أي صاغرين حقيرين، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يحشر المتكبرون يوم القيامة مثال الذر في صور الناس يعلوهم كل شيء من الصغار، حتى يدخلوا سجناً في جهنم يقال له (بولس) تعلوهم نار الأنيار، يسقون من طينة الخبال عصارة أهل النار" . وقال وهيب بن الورد، حدثني رجل قال: كنت أسير ذات يوم في أرض الروم، فسمعت هاتفاً من فوق رأس جبل وهو يقول: يا رب عجبت لمن عرفك كيف يرجو أحداً غيرك، يا رب عجبت لمن عرفك يطلب حوائجه إلى أحد غيرك، قال: ثم عاد الثانية فقال: يا رب عجبت لمن عرفك كيف يتعرض لشيء من سخطك يرضي غيرك، قال، فناديته: أجني أنت أم إنسي؟ قال: بل إنسي، اشغل نفسك مما يعنيك عما لا يعنيك وفي الحديث: "من لم يسأل الله يغضب عليه" .