خريطة الموقع > التفسير

التفاسير

< >
عرض

وَيَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يَٰمَعْشَرَ ٱلْجِنِّ قَدِ ٱسْتَكْثَرْتُمْ مِّنَ ٱلإِنْسِ وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلإِنْسِ رَبَّنَا ٱسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيۤ أَجَّلْتَ لَنَا قَالَ ٱلنَّارُ مَثْوَٰكُمْ خَٰلِدِينَ فِيهَآ إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ
١٢٨
-الأنعام

مختصر تفسير ابن كثير

يقول تعالى: { وَ } اذكر يا محمد فيما تقصه عليهم وتنذرهم به، { يَوْمَ يِحْشُرُهُمْ جَمِيعاً } يعني الجن وأولياءهم من الإنس الذين كانوا يعبدونهم في الدنيا ويعوذون ويطيعونهم، ويوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً { يَامَعْشَرَ ٱلْجِنِّ قَدِ ٱسْتَكْثَرْتُمْ مِّنَ ٱلإِنْسِ } أي يقول يا معشر الجن، وسياق الكلام يدل على المحذوف، ومعنى قوله: { قَدِ ٱسْتَكْثَرْتُمْ مِّنَ ٱلإِنْسِ } أي من إغوائهم وإضلالهم، كقوله تعالى: { { أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يٰبَنِيۤ ءَادَمَ أَن لاَّ تَعْبُدُواْ ٱلشَّيطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ وَأَنِ ٱعْبُدُونِي هَـٰذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ } [يس: 60-61]، وقال ابن عباس: { يَامَعْشَرَ ٱلْجِنِّ قَدِ ٱسْتَكْثَرْتُمْ مِّنَ ٱلإِنْسِ } يعني أضللتم منهم كثيراً، { وَقَالَ أَوْلِيَآؤُهُم مِّنَ ٱلإِنْسِ رَبَّنَا ٱسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ }: يعني أولياء الجن من الإنس قالوا مجيبين لله تعالى عن ذلك بهذا، قال ابن أبي حاتم عن الحسن في هذه الآية قال: استكثرتم من أهل النار يوم القيامة، فقال أولياؤهم من الإنس: ربنا استمتع بعضنا ببعض، قال الحسن: وما كان استمتاع بعضهم ببعض إلاّ أن الجن أمرت وعملت الإنس. وقال ابن جريج: كان الرجل في الجاهلية ينزل الأرض فيقول: أعوذ بكبير هذا الوادي، فذلك استمتاعهم فاعتذروا به يوم القيامة، وأما استمتاع الجن بالإنس فإنه كان - فيما ذكر - ما ينال الجن من الإنس من تعظيمهم إياهم في استعانتهم بهم، فيقولون: قد سدنا الإنس والجن { وَبَلَغْنَآ أَجَلَنَا ٱلَّذِيۤ أَجَّلْتَ لَنَا } قال السدي: يعني الموت، { قَالَ ٱلنَّارُ مَثْوَاكُمْ } أي مأواكم ومنزلكم أنتم وإياهم وأولياؤكم، { خَالِدِينَ فِيهَآ } أي ماكثين فيها مكثاً مخلداً إلاّ ما شاء الله، قال بعضهم يرجع معنى الاستثناء إلى البرزخ، وقال بعضهم: هذا رد إلى مدة الدنيا، وقيل: غير ذلك من الأقوال، وقد روى ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس: { قَالَ ٱلنَّارُ مَثْوَاكُمْ خَالِدِينَ فِيهَآ إِلاَّ مَا شَآءَ ٱللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَليمٌ } قال: إن هذه الآية آية لا ينبغي لأحد أن يحكم على الله في خلقه، ولا ينزلهم جنة ولا ناراً.